يعكس القرار الذي اتخذه رئيس مجلس الوزراء السيد حيدر العبادي بسحب الدعاوى المتعلقة بقضايا النشر والاعلام المرفوعة الى القضاء من جانب رئاسة الحكومة السابقة، ثقة بالنفس من جانب السيد العبادي تحتاجها دولتنا في ظروفها الحرجة الراهنة، مثلما تعكس إيماناً بحرية التعبير التي كفلها الدستور، وتفهماً للدور السياسي والاجتماعي الوطني الذي يتعين ان تنهض به المؤسسات الاعلامية الوطنية في البلاد.
عانى الاعلام الوطني الكثير من اجراءات التضييق في عهد الحكومة السابقة، وجاء ذلك في سياق سياسة أظهرت تبرماً حيال تمتع المواطنين ومؤسسات الرأي بالحق في التعبير الحر. وشهدت تلك الاجراءات تفاقماً منذ انطلاق المظاهرات الشعبية في 25 شباط 2011 وبعده للمطالبة باصلاح العملية السياسية ونبذ نظام المحاصصة الطائفية والقومية ومكافحة الفساد الاداري والمالي والفقر والبطالة وتوفير الخدمات الأساسية للناس.
نهج التضييق بلغ ذروته في إغلاق عدد من المؤسسات الإعلامية واقتحام مقراتها وإساءة معاملة الصحفيين والاعلاميين، ثم في رفع قضايا كيدية ضد عدد من الإعلاميين ممن مارسوا حقهم في توجيه النقد الى السياسات الخاطئة المنتهجة التي أدت بنا الى الوضع الراهن حيث يحتل تنظيم داعش الارهابي مساحات واسعة من البلاد ومدنا مهمة فيها، مع كل ما رافق ذلك من ويلات انسانية حيث قتل المئات وجرى استعباد الالاف فيما نزح نحو مليوني مواطن من مناطقهم ليبقوا دونما مأوى ومصدر للعيش.
كانت "المدى" بين العديد من المؤسسات الإعلامية الوطنية التي لحقها الحيف، فقد اتخذت الحكومة السابقة إجراءات تعسفية في حق توزيع صحيفة "المدى"، وفي حق اطلاق فضائية "المدى" في الموعد المقرر لذلك، وفي حق عدد من الزملاء المسؤولين والمحررين فيها الذين رفعت ضدهم دعاوى استناداً الى قوانين موروثة من عهد صدام حسين الدكتاتوري.
قرار السيد العبادي خطوة مهمة في الإتجاه الصحيح، نأمل ان تستكملها الحكومة ومجلس النواب بالسعي لاصدار تشريعات بديلة لقوانين وقرارات صدام، تضمن حرية التعبير بكل الأشكال والوسائل وحرية تدفق المعلومات، بما ينسجم مع مبادئ وأحكام دستورنا الدائم والمواثيق الدولية.
قرار صائب لرئيس الحكومة
[post-views]
نشر في: 19 ديسمبر, 2014: 09:01 م