TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > دكتور بفلوسي

دكتور بفلوسي

نشر في: 20 ديسمبر, 2014: 09:01 م

مستعدون لكتابة رسائل الدكتوراه والماجستير لطلبة الدراسات العليا ، اكثر من مكتب للطباعة والاستنساخ في منطقة الباب المعظم وشارع المتنبي ، على استعداد لتقديم هذه الخدمة مقابل مبلغ من المال بالعملة الصعبة لينال الطالب اللقب العلمي ، ثم يظهر عبر شاشات الفضائيات محللا سياسيا او مؤرخا او ناقدا وباحثا ادبيا ويشترط على مقدم البرنامج اضافة حرف الدال على اسمه الظاهر اسفل الشاشة .
صاحب اللقب دكتور بفلوسه ، انضم الى الوسط الاكاديمي من الباب الخلفي ،وسط غياب الرقابة واعتماد المعايير الدقيقة في اختيار طلبة الدراسات العليا ، وخاصة في الكليات الانسانية ، فعن طريق تزكية حزب متنفذ ، او بتأثير زعيم سياسي ، وتدخل مسؤول كبير انفتحت الأبواب امام "الدماغ سيزية" فحمل اشباه الاميين شهادات عليا جعلت الجامعات العراقية تحتل المرتبة 800 في قائمة الترتيب الدولية للجامعات العربية ، والانحدار متواصل وبنجاح سابق ، ومن يعترض ليس امامه الا التوجه الى اقرب جدار كونكريتي ليضرب راسه ويصرخ باعلى صوته ، "خربت والعباس وطاح الفاس بالراس".
في زمن النظام السابق كان الحصول على شهادة الماجستير بالعلوم العسكرية يتطلب دراسة لمدة سنتين في كلية الاركان ، المعروفة بتاريخها العريق قبل خرابها ، وفيها تخرج ضباط كبار من جنسيات سودانية وفلسطينية وليبية ويمنية ، ولحمل الشارة الحمراء مع الرتبة يجب على الطالب ان يقدم اطروحة التخرج لنيل شهادة الماجستير ، وكانت مكاتب الاستنساخ تلبي الطلب خلال يومين ، فتقدم الاطروحة ، وتوصي الطالب بعد دفع السعر المتفق عليه بان يدافع عن رسالته بقوة ليثبت لاعضاء لجنة المناقشة بانه كاتبها و"يخش بعيونهم" ، وصاحب المكتب هو من وضع حتى الاهداء في الورقة الثانية ، وكان موجها الى شخص واحد ، ليس من المستحسن ان يشاركه اب الطالب او امه او زوجته او اشقاؤه في الاهداء.
الجهات الرسمية وبعد حصولها على معلومات بخصوص شراء الرسائل ، تحركت على اصحاب المكاتب ، وقبل دقائق من "تنفيذ الكبسة " هرب المشتبه بهم ، وتركوا مكاتبهم تحت رعاية ابنائهم او مساعديهم ، فتحملوا ذنب منح مئات الضباط شارة الركن وربما شغل بعضهم في الوقت الحاضر مناصب ومسؤوليات قيادة فرق والوية ،فكانت النتيجة ايضا "وقوع الفاس بالراس " وانشغال الاوساط السياسية والشعبية والرسمية بقضية ادارة الملف الامني.
ظاهرة كتابة رسائل الدكتوراه والماجستير مقابل المال برزت مطلع تسعينات القرن الماضي ، ولم تتخذ الجهات المعنية اية خطوات او اجراءات للحد منها ، وهي على علم اكيد بتفشي الظاهرة ، لكنها لم تحرك ساكنا للحد منها ، لاسباب كثيرة ربما يدخل ضمنها الحفاظ على مسار العملية السياسية وتوطيد حالة التوافق بين الاطراف المشاركة في الحكومة ، خدمة للمصالح الوطنية ، المهددة بالخراب حين يتم الكشف عن "شهادة كلك " يحملها الناطق الرسمي باسم ائتلاف الفرارات ، والناجح يرفع ايدووووووووو .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: المستقبل لا يُبنى بالغرف المغلقة!!

سوريا المتعددة: تجارب الأقليات من روج آفا إلى الجولاني

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram