صدر عن دار المدى حديثا كتاب (فن القراءة) لالبرتو مانغويل وهو الكتاب الثالث الذي يترجمه المترجم عباس المفرجي للكاتب الارجنتيني بعد (يوميات القراءة ) و (المكتبة في الليل).موضوع هذا الكتاب يقول مانغويل: " كما هي مواضيع كل كتبي تقريبا، هو القراءة، ذلك ال
صدر عن دار المدى حديثا كتاب (فن القراءة) لالبرتو مانغويل وهو الكتاب الثالث الذي يترجمه المترجم عباس المفرجي للكاتب الارجنتيني بعد (يوميات القراءة ) و (المكتبة في الليل).
موضوع هذا الكتاب يقول مانغويل: " كما هي مواضيع كل كتبي تقريبا، هو القراءة، ذلك النشاط الإبداعي الذي يجعلنا من كل الأوجه إنسانيين. أعتقد أننا في الجوهر حيوانات قارئة وان فن القراءة، في المعنى الأوسع للكلمة، يميِّز جنسنا. نحن ننشأ مصممين على العثور على قصة في كل شيء: في المناظر الطبيعية، في السماوات، في وجوه الآخرين، و، بالطبع، في الصور والكلمات التي يخلقها جنسنا. نحن نقرأ حياتنا الخاصة وحياة الآخرين، نقرأ المجتمعات التي نعيش فيها وتلك الواقعة وراء الحدود، نقرأ الصور والأبنية، نقرأ ما يكمن بين غلافي كتاب.
هذه الأخيرة هي بشكل خاص جوهرية. بالنسبة لي، الكلمات التي على الصفحة تضفي على العالم ترابطا منطقيا. حين أبتلي سكان ماكوندو بمرض شبيه بفقدان الذاكرة، أصابهم ذات يوم أثناء عزلتهم التي دامت مئة عام، أدركوا ان معرفتهم عن العالم كانت تختفي بوتيرة متسارعة وانهم قد ينسون ما تعنيه بقرة، أو شجرة أو بيت. الكلمات فقط، كما اكتشفوا هم، يمكن أن تكون هي الترياق. كي يتذكروا ما كان عالمهم يعني لهم، كتبوا بطاقات وعلقوها على البهائم والأشياء: ’’ هذه شجرة ‘‘، ’’ هذا بيت ‘‘، ’’ هذه بقرة، ومنها تحصل على الحليب، الذي يُمزَج مع القهوة فيعطيك كافيه كون ليش ‘‘. تنبئنا الكلمات بما نعتقد نحن، كمجتمع، أن يكون عليه العالم.
’’ ما نعتقد أن يكون عليه ‘‘: هذا هو كل ما يدور حوله الأمر. من خلال ربط الكلمات بالتجارب والتجارب بالكلمات نتخيّر كقرّاء قصصا تكون صدى لتجاربنا الخاصة، أو تهيئنا لتجارب جديدة، أو تروي لنا عن تجارب لن نمرّ بها أبدا، كما نعرف جميعا جيدا، سوى على الورق. وهكذا، ما نعتقده هو أن الكتاب يعيد تشكيل نفسه في كل قراءة. على مرّ السنين، تغيرت تجاربي وأذواقي وتفضيلاتي: إذ تمرّ الأيام، تواصل ذاكرتي إعادة ترتيب، فهرسة، رمي الكتب من مكتبتي؛ كلماتي وعالمي، ماعدا المعالم الثابتة، ليسا الشيء نفسه أبدا. حكمة هيراكليتوس الفكهة تصْدِق ايضا على طريقتي في القراءة: (( لا يمكنك أن تغطس في نفس الكتاب مرتين. )).