TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > فيلق المجادي

فيلق المجادي

نشر في: 21 ديسمبر, 2014: 09:01 م

العاصمة بغداد اكتسبت صفة انتشار أعداد كبيرة من المتسولين من الجنسين وبأعمار مختلفة وبعاهات أصلية وأخرى مصطنعة ، والمشهد المتكرر في التقاطعات والشوارع العامة يجسد بصورة ثلاثية الأبعاد سيناريو فلم هندي من نوع ميلودراما الفقر والجهل والمرض ، والحظ الأسود المصخم الملطم ، وفواجع القدر ، ولكثرة تكرار المشهد ، بات مألوفا ولا يثير الانتباه ، وعطف الآخرين على وفق القاعدة القديمة التي كانت معتمدة في باصات مصلحة نقل الركاب "ساعد الجابي باصغر نقد كافٍ " ومن المناسب ان يتولى الجيل القديم المهدد بالانقراض توضيح وتفسير العبارة للجيل الجديد لكي يتعرف على حقيقة ان الاجهزة الرسمية في وقت مضى كانت حريصة حتى على التمسك بقواعد اللغة ، فحذت ياء" الكافي " لضرورات التنوين .
بغض النظر عما يقال عن وجود جهات او ربما "مافيات" تقف وراء زج المزيد من المتسولين في الشوارع والمسالة لا تخلو من احتيال ، الا ان القضية بحاجة الى معالجة فورية، ليس باعتقال قادة "المجادي" كما فعل رئيس الوزراء الاسبق الراحل طاهر يحيى بذريعة الحفاظ على الهوية الحضارية للعاصمة ، وانما باجراءات اقتصادية واجتماعية ، وبتعاون منظمات المجتمع المدني مع الجهات الرسمية المعنية بهذا الامر ، وهذا الكلام "الخريط " سمعناه من مسؤولين كبار وقادة سياسيين ومنظمات دولية ومحلية، ولكثرة تكراره تهرأ ولم يعد صالحا للاستخدام.
"حجي جرايد" ابتكار عراقي للتعبير عن الاستهانة بالتصريحات والوعود الرسمية ، سواء صدرت من مسؤول كبير في الحكومة ، او من وزير او وكيل وحتى من قائد عسكري برتبة فريق ويقال ان العراق فيه الان قرابة عشرين فريقا حصلوا على الترقية تقديرا لجهودهم في توطيد استقرار الاوضاع الامنية ومكافحة الارهاب ، وليس عن طريق المحسوبية والمنسوبية والانتماءات الحزبية كما يعتقد من يؤمن بان حجي الجرائد هو شكل اخر من الخريط السياسي في بلد ميزانيته اكثر من 100 مليار دولار والمجادي فيه يشكلون النسبة الاكبر من عدد ناخبي الاحزاب الدينية .
في عقد الستينات تحرك احد الحزبيين على بائع نفط في منطقة الكاظمية يجر عربته بنفسه لعجزه عن شراء حصان لغرض ضمه للحزب ، وبعد مشاورات وتعهد بخوض المعترك النضالي ، وتنفيذ التعليمات الحزبية بكل دقة ، صدر التوجيه بان يستخدم بائع النفط مفردة "نفطكم" ، واثناء تجوال البائع لتنفيذ الامر الحزبي وهو يردد "نفطكم" اثار انتباه رجال الامن ، وفي مركز الشرطة "خرط عنده السوق" من اول" سطرة " واعترف بانه كلف من قبل الرفيق" فلان " بقول "نفطكم " ليثير انتباه الجماهير ، ويحفزها على المطالبة بحصتها من الثروة الوطنية ، فنال ابو النفط المقسوم من تلك الثروة ، بقضاء ايام بالتوقيف ، وبكفالة احد ابناء الحلال استعاد حريته ، مع تعهد بترك العمل السياسي فانضم الى فيلق "المجادي" ليوفر لاسرته مصروفها اليومي ، فترك النفط لتستفيد منه الاجيال المقبلة .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram