TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > هل غير الوحدويين غير وطنيين؟

هل غير الوحدويين غير وطنيين؟

نشر في: 21 ديسمبر, 2014: 09:01 م

في أيلول الماضي فرض أقل من 56 بالمئة من مواطني إسكتلندا إرادتهم في رفض الانفصال عن المملكة المتحدة وتشكيل دولة مستقلة بعد ثلاثة قرون من الاندماج بين أدنبرة ولندن، مع ان مشروع الاستقلال تبنّاه الحزب الحاكم في إسكتلندا، وعمل جاهداً لتحقيق أغلبية كاسحة لصالحه.
الذين أجابوا بالنفي على السؤال المطروح في استفتاء أيلول: “هل ينبغي أن تكون إسكتلندا دولة مستقلة"؟ لا يمكن وصفهم بانهم غير وطنيين أو غير قوميين، فهؤلاء بكل بساطة اجتهدوا في أنهم لن يكونوا أكثر سعادة وأكثر اطمئناناً على مستقبلهم بالانفصال في زمن تختفي فيه الحدود بين الدول مختلفة القوميات والأديان والمذاهب، كما هي الحال مع القارة الأوروبية.
مثلما رأى ما يزيد قليلاً عن 44 بالمئة من الناخبين الاسكتلنديين ان مصالحهم ومصالح بلدهم يمكن تأمينها على نحو أفضل بالانفصال عن المملكة المتحدة، وجد الآخرون ( أقل بقليل من 56 بالمئة) ان ضمان هذه المصالح يكون بالاحتفاظ بالوحدة التي نشأت في العام 1707.
على مدى ثلاثة قرون عاش الاسكتلندي في مملكة إنجلترا ثم المملكة المتحدة بوصفه مواطناً من الدرجة الأولى.. لا يعاني من تهميش أو تمييز سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي، وهذا بالتأكيد ما جعل الأغلبية من الاسكتلنديين تتمسك بالوحدة مع الإنجليز والويلزيين والآيرلنديين الشماليين.
في جزئين من العراق تصاعدت في السنوات الأخيرة الدعوات الانفصالية أو شبه الانفصالية .. الكرد يريدون تطوير فيدراليتهم الى كونفدرالية، والسنّة ما عادوا يعارضون الفيدرالية كما كانوا قبل عشر سنوات، بل انهم يرفعون الآن شعار الفيدرالية لمناطقهم.. أكثر من هذا يعود بعض الشيعة الى المطالبة بإقليم فيدرالي للبصرة أو للجنوب أو لمحافظات الجنوب والوسط كلها.
هذه الدعوات والمطالبات هي تعبير عن عدم الشعور بالسعادة والاطمئنان في الكيان العراقي الموحد الحالي، والسبب يكمن في سياسات الحكومات المركزية (أو الاتحادية) غير القائمة على العدل والإنصاف.
بعضنا ينظر نظرة تخوين الى دعوات الفيدرالية والكونفدرالية، غير متنبّه الى ان الشرائع والمواثيق الدولية الحديثة، وفي مقدمها شرعة حقوق الإنسان، وكثير من الدساتير الوطنية، وبينها دستورنا، تمنح ليس الجماعات وحدها وإنما الأفراد أيضاً الحق في تقرير مصيرهم بأنفسهم.
يمكن للعراق أن يبقى موحداً يجمع العرب والكرد والتركمان والكلدوآشوريين والأرمن، والمسلمين، شيعة وسنة، والمسيحيين والصابئة المندائية والإيزيديين وسواهم، عندما يقوم فيه نظام سياسي يحقق السلام والأمن والسعادة والاطمئنان لهؤلاء جميعاً على قدر المساواة، كما هي الحال في المملكة المتحدة التي رفض الاسكتلنديون الانفصال عنها في دولة مستقلة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 1

  1. ضياء النجار

    ان المطالبه بالاقاليم ليس مطلبا شعبيا وخاصه من الطلائع المثقفه والوطنيه ولكن المطالبه بالاقاليم هي دعوه من الذين يدعون تمثيلهم للنذاهب الطائفيه والشوفيتيه لتحقيق مصالحهم الفئويه المقيته وبما انهم اداة طيعه بيد الدول الطامعه بالعراق من امريكا وعملائها في ا

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

تهميشُ القضاء وتفكيكُ العقل الحقوقي للدولة وتقويضُ الهوية الجامعة

العمودالثامن: داعية البسمة

العمودالثامن: حدثنا نور زهير!!

وراء القصد.. ولا تيفو.. عن حمودي الحارثي

فشل المشروع الطائفي في العراق

صحيفة بريطانية: قائد اركان الجيش الأمريكي يزور دولتين عربيتين لاقامة "تحالف" ضد ايران

متابعة/ المدى كشفت صحيفة تريبيون البريطانية، اليوم السبت، عن وصول قائد اركان الجيش الأمريكي الجرنال سي كي براون بزيارة غير معلنة الى الأردن لبحث إقامة "تحالف إقليمي" لحماية إسرائيل.  وذكرت الصحيفة، ان القائد الأمريكي...

العمودالثامن: فاصل ونواصل

 علي حسين يقول دريد لحام في مسلسل سنعود بعد قليل لأحد أصدقائه القدامى: "لا تهتم للمصائب. تعودنا على قبول كل شيء"، تذكرت هذه الجملة وأنا أرى حالة التلبد التي أصابت البرلمان خلال الأشهر...
علي حسين

كلاكيت: ألان ديلون منحه الطليان شهرته وأهملته هوليوود

 علاء المفرجي في منتصف السبعينيات شاهدت فيلمه (رجلان في مأزق) وهو الاسم التجاري له، في سينما النجوم في بغداد، وكان من إخراج خوسيه جيوفاني، ولا يمكن لي أن انسى المشهد الذي يوقظه فيه فجرا...
علاء المفرجي

شراكة الاقتصاد الكلي والوحدة الوطنية

ثامر الهيمص وقد اراد الله ذلك فاستهل النبي ابراهيم عبادته وهو(الدعاء) الذي يعد (مخ العبادة) فدعا الله بقوله: (رب اجعل هذا البلد امنا) فكانت الاولوية للاوطان وليس للاديان دون تعارض. (رحيم ابو رغيف /...
ثامر الهيمص
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram