في أيلول الماضي فرض أقل من 56 بالمئة من مواطني إسكتلندا إرادتهم في رفض الانفصال عن المملكة المتحدة وتشكيل دولة مستقلة بعد ثلاثة قرون من الاندماج بين أدنبرة ولندن، مع ان مشروع الاستقلال تبنّاه الحزب الحاكم في إسكتلندا، وعمل جاهداً لتحقيق أغلبية كاسحة لصالحه.
الذين أجابوا بالنفي على السؤال المطروح في استفتاء أيلول: “هل ينبغي أن تكون إسكتلندا دولة مستقلة"؟ لا يمكن وصفهم بانهم غير وطنيين أو غير قوميين، فهؤلاء بكل بساطة اجتهدوا في أنهم لن يكونوا أكثر سعادة وأكثر اطمئناناً على مستقبلهم بالانفصال في زمن تختفي فيه الحدود بين الدول مختلفة القوميات والأديان والمذاهب، كما هي الحال مع القارة الأوروبية.
مثلما رأى ما يزيد قليلاً عن 44 بالمئة من الناخبين الاسكتلنديين ان مصالحهم ومصالح بلدهم يمكن تأمينها على نحو أفضل بالانفصال عن المملكة المتحدة، وجد الآخرون ( أقل بقليل من 56 بالمئة) ان ضمان هذه المصالح يكون بالاحتفاظ بالوحدة التي نشأت في العام 1707.
على مدى ثلاثة قرون عاش الاسكتلندي في مملكة إنجلترا ثم المملكة المتحدة بوصفه مواطناً من الدرجة الأولى.. لا يعاني من تهميش أو تمييز سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي، وهذا بالتأكيد ما جعل الأغلبية من الاسكتلنديين تتمسك بالوحدة مع الإنجليز والويلزيين والآيرلنديين الشماليين.
في جزئين من العراق تصاعدت في السنوات الأخيرة الدعوات الانفصالية أو شبه الانفصالية .. الكرد يريدون تطوير فيدراليتهم الى كونفدرالية، والسنّة ما عادوا يعارضون الفيدرالية كما كانوا قبل عشر سنوات، بل انهم يرفعون الآن شعار الفيدرالية لمناطقهم.. أكثر من هذا يعود بعض الشيعة الى المطالبة بإقليم فيدرالي للبصرة أو للجنوب أو لمحافظات الجنوب والوسط كلها.
هذه الدعوات والمطالبات هي تعبير عن عدم الشعور بالسعادة والاطمئنان في الكيان العراقي الموحد الحالي، والسبب يكمن في سياسات الحكومات المركزية (أو الاتحادية) غير القائمة على العدل والإنصاف.
بعضنا ينظر نظرة تخوين الى دعوات الفيدرالية والكونفدرالية، غير متنبّه الى ان الشرائع والمواثيق الدولية الحديثة، وفي مقدمها شرعة حقوق الإنسان، وكثير من الدساتير الوطنية، وبينها دستورنا، تمنح ليس الجماعات وحدها وإنما الأفراد أيضاً الحق في تقرير مصيرهم بأنفسهم.
يمكن للعراق أن يبقى موحداً يجمع العرب والكرد والتركمان والكلدوآشوريين والأرمن، والمسلمين، شيعة وسنة، والمسيحيين والصابئة المندائية والإيزيديين وسواهم، عندما يقوم فيه نظام سياسي يحقق السلام والأمن والسعادة والاطمئنان لهؤلاء جميعاً على قدر المساواة، كما هي الحال في المملكة المتحدة التي رفض الاسكتلنديون الانفصال عنها في دولة مستقلة.
هل غير الوحدويين غير وطنيين؟
[post-views]
نشر في: 21 ديسمبر, 2014: 09:01 م
جميع التعليقات 1
ضياء النجار
ان المطالبه بالاقاليم ليس مطلبا شعبيا وخاصه من الطلائع المثقفه والوطنيه ولكن المطالبه بالاقاليم هي دعوه من الذين يدعون تمثيلهم للنذاهب الطائفيه والشوفيتيه لتحقيق مصالحهم الفئويه المقيته وبما انهم اداة طيعه بيد الدول الطامعه بالعراق من امريكا وعملائها في ا