فنزويلا المتضعضة اقتصاديا وماليا بسبب تداعي اسعار النفط في الأسواق العالمية ،ربما تكون الدولة الأكثر تضررا من التقارب بين الولايات المتحدة وكوبا التي كانت حليفتها الرئيسية ،ويجد الآن الرئيس نيكولاس مادورو نفسه معزولا و محبطا ومضطرا في الوقت نفسه إلى
فنزويلا المتضعضة اقتصاديا وماليا بسبب تداعي اسعار النفط في الأسواق العالمية ،ربما تكون الدولة الأكثر تضررا من التقارب بين الولايات المتحدة وكوبا التي كانت حليفتها الرئيسية ،ويجد الآن الرئيس نيكولاس مادورو نفسه معزولا و محبطا ومضطرا في الوقت نفسه إلى تخفيف لهجته الانتقادية الساخنة ،وخطابه الناري تجاه الولايات المتحدة.وقال المعارض العنيد لنهج شافيزالسياسي الباحث نيكمر ايفانز : "ان هذا الصلح هز أركان سلطة مادورو ،وسياستها وتعاطيها مع واشنطن".
وخرج المعارض البارز انريكي كابريلس ملتقطا ورقة التقارب المفاجئ بين هافانا وواشنطن ليشدد الضغوط على مادورو. وقال: "بينما تتفق كوبا على تحسين علاقاتها الديبلوماسية والتجارية مع الولايات المتحدة، تسعى حكومة نيكولاس لزيادة علاقاتها سوءا، لاستخدامها كحاجب دخان وتحويل الانتباه عن الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الخطرة التي نعيشها".وتشير البيانات الرسمية إلى ان التضخم النقدي في البلاد بلغ نسبة قياسية تزيد على 60 %،يرافقه انعدام مهلك لما يصل إلى 40 % من السلع الضرورية لإدامة المعيشة اليومية للسكان،فيما تقترب البلاد من حافة العجزعن سداد ديونها الداخلية والخارجية.وبرأي مراقبين فإن "تدهور أسعار النفط جعل من فنزويلا التي تمتلك اكبر احتياطي نفطي في العالم غير قادرة على مواصلة دعمها المالي الكبير لكوبا"،مرجحين ان يكون ذلك احد أسباب تسريع وتائر المصالحة التأريخية بين واشنطن و هافانا التي كانت قيادتها السياسية متخوفة من ان تواجه أوضاعا كارثية مع تقوض الموارد المالية لداعمها الأساسي فنزويلا التي تسد ما يصل إلى 60 % من احتياجاتها النفطية والتي تقدمها مع تسهيلات في الدفع وتشتري منها خدمات حوالي 40 الف مهني بينهم 30 ألف طبيب وممرض.ويعتبر الخبير الاقتصادي بافل فيدال من جامعة كالي (كولومبيا) ان التقارب "هو جهد إضافي تقوم به الحكومة (الكوبية) لتنويع اقتصادها وتقليص تبعية فنزويلا".
اهتزاز فنزويلا ومفاجأة المصالحة
وكان خبراء الاقتصاد في كوبا حذروا من ان توقف التجارة بين بلادهم و فنزويلا من شأنه ان يغرق كوبا في "اربع سنوات من الانكماش". وأعادوا إلى الأذهان ما واجهته البلاد خلال ما عرف بالفترة الاستثنائية في التسعينيات عندما سقط الدعم الاقتصادي لميثاق وارسو فجأة".ويجمع المراقبون على ان "الأزمة الاقتصادية البنيوية في فنزويلا دفعت الرئيس كاسترو إلى البحث عن بديل لئلا يؤخذ على حين غرة".
وكشف نائب وزير الخارجية السابق ميلوس الكالاي " ان فنزويلا اهتزت لمفاجأة الإعلان عن المصالحة لان هافانا لم تكن أبلغتها بالمفاوضات التي كانت تخوضها سرا مع واشنطن لتحقيق تسوية لنزاعهما المستحكم منذ عقود" وقال "كل شيء يدل على ان "راوول كاسترو لم يتحدث في هذا الموضوع مع مادورو ". مشددا على "ان نهج مادورو الراديكالي تجاه الولايات المتحدة يتباين مع طريق الحوار الذي سلكته كوبا، لكن ذلك قد يتغير".
وتواجه فنزويلا خطرعقوبات جديدة ينوي الكونغرس الأميركي إقرارها ضد المتورطين في قمع الاحتجاجات الشعبية،ووصفها مادورو بأنها" حمقاء" وفي الوقت الذي كان فيه الرئيس مادورو يسعى من اجل إقناع البرازيل والأرجنتين والأوروغواي وباراغوي خلال قمة مركوسور في الأرجنتين بدعم بلاده وإدانة العقوبات المرتقبة، نجد انه سرعان ما بدل لهجته معتبرا "ان بادرة أوباما شجاعة وضرورية للتاريخ".وذكر تقرير صادر وكالة " ستراتفور " الأميركية للدراسات الستراتيجية"ان الصعوبات الاقتصادية المتزايدة التي تمر بها فنزويلا والاضطرابات المحتملة قد تجعل مادورو ينظر للمصالحة كتهديد قائم على المدى الطويل". ولم يستبعد التقرير ان يعمد مادورو الى الاقتداء بحليفه الكوبي والبحث عن صيغة للتقارب مع واشنطن بشكل يحفظ له ماء وجهه" ،منبها إلى انه" خاض خلال الأشهر المنصرمة مفاوضات مع الأميركيين لم تحقق أي نتيجة حتى الآن".