TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > وجوه الجينكو

وجوه الجينكو

نشر في: 28 ديسمبر, 2014: 09:01 م

الحكام العرب في أيام الأزمات والتهديد الخارجي ، لمعاقبتهم على "مكسراتهم " وهي كثيرة لا تعد ولا تحصى ، يفضلون الظهور بمشاهد مصورة يبثها التلفزيون الرسمي تكشف عن التفاف القيادة والحكومة حول الرئيس فبدت على الوجوه الابتسامات، وسرعان ما تتحول الى ضحكات وقهقهات متناغمة مع حركة الكروش ، ومثل هذه المشاهد كثيرة ، وللعراقيين ذكريات مريرة معها ، الغرض من عرض المشاهد لرفع الروح المعنوية لدى أبناء الشعب ، وتحمل الكوارث المتوقعة عن طيب خاطر ، والمشهد في حقيقته نوع من الخديعة الرسمية اعتادت الأنظمة العربية على تسويقه ، على الرغم من إدراكها بان الرسالة لم تحقق اهدافها ، فالطرف الاخر اي الشعب ، يعرف كيف تفكر السلطة ، لكنه يعجز عن مواجهتها ، فيظل منتظرا رحمة الله لتحقيق الفرج .
الزعيم العربي عرف عنه بأنه ذو وجه متجهم ، وملامح صارمة ، لا يعرف الابتسامة الا في المناسبات الوطنية والقومية ، او عند استقبال ضيوفه ، وبعد تفتيش حرس الشرف، يجلس مع الضيف في صالة المطار ، وأمام المصورين يرسم على وجهه ابتسامة كاذبة أمام الكاميرا.
يقال ان "أريحية" المسؤول او السياسي تعد احد ابرز أسباب نجاحه في تحقيق قاعدة شعبية ورسم ابتسامة عريضة على الوجه والمشاركة في فعاليات شعبية ، وحضور نشاطات ثقافية ، ومباريات كرة القدم ، عوامل مهمة تجعله قريبا من الجماهير، الا ان هذا التوجه يجهله المسؤولون والساسة العراقيون، ومعظمهم حين يظهر عبر شاشة التلفاز يضع قناع الجينكو على وجهه، وكانه خرج قبل دقائق من معركة فاشلة او من إخفاق تحقيق صفقة مشروع تجاري.
الأوضاع السياسية في العراق وفي ظل التحرك الجديد لتجاوز أخطاء السنوات السابقة وتطبيق وثيقة الإصلاح السياسي تتطلب تلطيف الأجواء، وعزل أصحاب "وجوه الجينكو" لان هؤلاء تخصصوا بالضحكة الصفراء وهم سبب البلاء ، ووجودهم في المشهد السياسي والحكومي سيجعل الملفات معقدة ، وخاصة المتعلقة باحترام مبدأ التداول السلمي للسلطة وتعديل الدستور واحترام حق المحافظات في تشكيل الأقاليم .
على مدى السنوات الماضية وبغياب اريحية السياسيين والمسؤولين تفاقمت الأزمات وارتدى الوطن هو الاخر قناع الجينكو ، ولتجاوز هذه الازمة باتت الحاجة ملحة لوجود مسؤولين وسياسيين يمتلكون أريحية ويسمعون الموسيقى والأغاني ، يتخلون عن ارتداء أقنعة الوجوه المتجهمة ، تمهيدا لإثبات الجدية في تحقيق الإصلاح ، ثم التوجه لخدمة مصالح شعبهم انطلاقا من إيمانهم بمبادئ أحزابهم ومعظمها دينية تعرف الحلال والحرام، وتسعى لتحقيق العدالة والمساواة " والك وحشة يابو ضحكة الحلوة" ياطويل العمر.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram