اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الإعدام احتراماً لحق الحياة

الإعدام احتراماً لحق الحياة

نشر في: 28 ديسمبر, 2014: 09:01 م

استثارت العودة المفاجئة لتنفيذ عقوبة الإعدام، بحق عدد من المجرمين في الأردن ردود فعل متفاوتة، أبرزها أن أكثر من ثمانين بالمئة من الأردنيين مع تفعيل هذه العقوبة، التي توقف تنفيذها منذ العام 2006 ، بسبب عدم مصادقة الملك على قرارات الإعدام مع أنها مستوفية لشروطها القانونية، وبالمقابل ارتفاع أصوات المدافعين عن حقوق الطفل والمرأة والإنسان ضد تنفيذها، والأبرز هو تصدي سفراء الاتحاد الأوروبي في عمان للموضوع، بإعلان أسفهم للعودة إلى تنفيذ هذه العقوبة، متجاهلين أن المعدومين ارتكبوا جرائم قتل شديدة البشاعة، ولم يعدموا بسبب أفكارهم أو آرائهم السياسية.
كان واضحاً الارتياح الكبير الذي عم الشارع الأردني، بعد إعدام عدد من المجرمين استباحوا كل حرام، وهي عقوبة وردت في الشرع بأن النفس بالنفس، وأنّ إزهاق الروح لا يُغفر أبداً عند الله، فكيف يطلب البعض من الدولة التراخي والتسامح مع من يسلب حياة الآخرين؟، واعتبار أن من اعتدى على أمن الناس ونفوسهم له الحق في الحياة، وأنه لاحق لضحاياه في القصاص، متجاهلين أنّ الثأر غريزة أصيلة في الإنسان، وأنه إذا لم تقم الدولة من خلال قوانينها وقضائها بواجبها، وأخذ الثأر للمظلوم عن طريق القصاص، فستختل أمور المجتمع وقواعده، لذلك من واجب الدولة أن تنظم عملية الثأر بالقوانين، وتنفيذ العقوبات وإنزال القصاص، حتى تستقر الأمور وتشفى الصدور وتهدأ النفوس.
الحديث عن معايير حقوق الإنسان، ليس أكثر من رياء حين يتجاهل حقوق الضحايا، وأبرزها حقهم في الحياة، وهو حق سلبه المجرمون بدم بارد وبنفسيات تنضح بالأمراض النفسية والحقد، والمصيبة حين يتحدث البعض عن المواثيق والتوجهات الدولية، ويتبجحون بتذكيرنا بالنظريات البائسة التي ترفض الربط بين تنفيذ العقوبة وانخفاض معدلات الجرائم، ثم يتباكون على البعد الإنساني، والفرصة الثانية التي يستحقها المجرم بغض النظر عن درجة تورطه في الجريمة، وإذا كانت الدولة اليوم تتحدث عن استعادة هيبتها فإن التراخي في العمل بمبدأ سيادة القانون، هو الذي ساهم في رفع نسب الجريمة، وخصوصاً تلك البشعة التي ارتكبها من هو موقن أن عقوبته هي العيش على حساب الدولة في السجن دون بذل أي مجهود.
في الولايات المتحدة أعلى نسبة في تنفيذ حكم الإعدام في العالم، لأن المشرعين يعرفون أن هذه العقوبة هي الرادع الوحيد والأكثر فعالية في لجم الإجرام الذي يُهدد أمن المجتمعات، أمّا انزعاج السفراء الأوروبيين في عمان، فهو ليس أكثر من رياء يستدعي تذكيرهم بأنهم يتدخلون في شأن داخلي، لبلد يحكمه القانون، وقد نصت قوانينه وتشريعاته على هذه العقوبة، وأن تفعيلها يستهدف ردع الإجرام، وتقديم حماية حقيقية للمجتمع، وأن عليهم الحذر والانتباه إلى أن هناك فرقا واضحا بين المشورة والتدخّل في الشؤون السياديّة.
بعد تنفيذ أحكام الاعدام بيومين ألقت الشرطة القبض على قاتل فار من وجه العدالة، وكان أول ما تفوه به سؤال للضابط "فكرك بروح فيها إعدام؟"، ذلك يعني أنه ارتكب جريمته وهو على ثقة بأنه سيقضي عقوبته آمناً في محبسه، ومُؤمّنة له كل سبل الحياة الكريمة، هذا إن لم تتدخل عادات القبيلة فيتم الصلح، وتنعقد راية بيضاء تمسح دم القتيل الضحية، لكنها لن تنتزع من صدور أهله الشعور بالظلم والقهر، ما ينذر بإمكانية تحول واحد منهم إلى قنبلة تنفجر بأي لحظة، وإذا علم المجرم مسبقاً أنه بارتكابه جريمة القتل سيعدم، فانه لن يُقدم على فعلته، ما يضمن حياتَه وحياةَ ضحيته المحتملة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: العميل "كوديا"

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram