ما من كنيسة في الجوار ، ما من جامع او مسجد على مرمى حجر .. فمن أين يتناهى نحو مكمن الروح صدى قرع النواقيس البعيدة وصدح تراتيل المصلين المرتاعين ، التواقين للسلام والوئام والمحبة ؟، من اين يتناهى للسمع والخاطر تهدج آذان المنائر الموشاة بالذهب المطعم بالشذر والياقوت ، نداء : حي على الصلاح ، على الفلاح ، هيا إلى خير العمل .؟
بصبر جميل أواري جذاذات الأحزان وطفح المسرات ، لأراقب بندول الساعة يترنح يمينا يسارا ، يسارا يمينا ، منقادا للزمن مقودا وقائدا له ، عبر سؤال منطقي — لا علاقة له بمنطق — ما الفرق بين دقات ساعة قبل دقائق من الآن ، وبعد دقائق من الآن؟ من يمنح الزمن حضوره البهي ، من يطفئ فيه الألق ويحيله ركاما من ظلمات ؟
من ؟
يشيرون إليه على استحياء وتحفظ : الوطن ! ما الوطن؟ البيت المستقر ؟ الأمان تحت سقفه والأمن خارجه ؟ فرص العمل فيه ؟ رغد العيش في ربوعه ؟
يقولون عراق ؟!
أس القوانين ومهد الشرائع . أقول : عراق . انتهاك قوانين وإهمال شرائع ، أقول :عراق يساره متطرف ، يمينه متطرف ، وسطه متطرف ، أقول : عراق . جوع وتخمة ، بغض ومحبة كراهية حد الكيد ، عشق حد الوله ، أقول : عراق ، عنفوان شباب ، كسل حد التنبلة ، أقول عراق .. مهد النحو و الفقه والبلاغة وعلم الكلام ، أقول : عراق ، موئل المعتزلة والمتصوفة ،و أشياع القدرية ٠ الجبرية ، أتباع الحنفية ، الشافعية ، الإثني عشرية…..أقول : عراق . تراث ومعاصرة ، أقول : عراق ،المتنبي والكندي وإبن سينا ،الجاحظ والسندباد وشهريار وشهرزاد و.و، اقول : عراق ….. فيا أيها المعرش بين القلب وشغاف القلب .الساكن بين الجفن والمقلة ، المتأرجح على نسغ الشرايين والأوردة ، هبني ساعة أشيلك عن كاهلي ، هبني سويعة لا تصير فيها الف باء حديثي ، امنحني فرصة ان أكرهك ! فالذين عشقوك حد الوله غادروا الساحة قبل صياح الديك وقبل دقات الساعة الرابعة والعشرين من ليلة السنة الجديدة ..
سنة سعيدة ……
صلاة حتى مطلع الروح
[post-views]
نشر في: 28 ديسمبر, 2014: 09:01 م