محمد حمدي
إعلان اللجنة التنسيقية العليا لتطوير الرياضة في العراق المنبثقة عن وزارة الشباب والرياضة عن إجراءات رادعة بحق التزوير والمزورين بالرياضة ممن تلاعب بأعمار اللاعبين وسرق مجهودات اندية ومنتخبات وطنية بغير وجه حق وتعميم هذه الاجراءات على الاتحادات والمؤسسات الرياضية وأخذ تعهدات منها تحمِّلها المسؤولية هي واللاعب المزور بحرمانه مدى الحياة من اللعب للاندية والمنتخبات ومن اية امتيازات يتيحها القانون للرواد الابطال. وحقيقة الأمر أن الإعلان والإجراءات تبدو في ظاهرها جميلة ومؤثرة وتتسم بالحدية وفقاً لعنوان اللجنة الكبير وما رافق ذلك من تصريحات للوزير حول قانون الاندية خلال المؤتمر العام للاندية الذي عُقــد في بغداد الاسبوع الماضي وتحدث في هامش عريض منه عن التزوير ومكافحته والحــد من هذه الظاهرة النشاز، بل وتكريم أحد الزملاء الإعلاميين ممن أسهم في كشف تزوير عدد من لاعبي منتخب الناشئين لأعمارهم ، ولكنها من جانب آخر ليست بجديدة أبداً فقد طالعت عن طريق الصدفة وخلال تواجدي في منزل أحد الزملاء ومن خلال مكتبته الخاصة التي حوت أعداداً كثيرة من صحف عراقية قديمة تعود الى منتصف القرن المنصرم لاحظت تواجد منشورات كثيرة تتشابه الى حدود بعيدة مع ما نُشر اليوم وأُعلن عنه من قرارات وإجراءات رادعة بحق المزورين والمحتالين في الرياضة، بل إن بعضها اشار الى عقوبات بالسجن لسنين وتوعد بالويل والثبور لمن يثبت تورطه ومع ذلك كله ابتلت أنديتنا ومنتخباتنا بهذا المرض الذي يُطلى بصبغة رسمية تشرعِن التزوير على أعلى المستويات وقد اكتوينا بالنار مرات ومرات يوم افتضح أمر تزوير منتخباتنا رسمياً وُطبـِّقت بحقنا أشد العقوبات وهي معروفة لا مجال لسردها وتقليب المواجع معها بفرق الفئات العمرية لمنتخبات جميع الألعاب وليس كرة القدم وحدها، والمصيبة ان التزوير قد نُفـذ بمعية اكبر المسؤولين الرياضيين وربما غيرهم ايضا لأجل كسب إنجاز موهوم وفي هذه الملفات العلنية لا نعرف مَن سيتحمل العقوبة، هل اللاعب المسكين الذي زوّر الآخرون سِني عمره وتلاعبوا بها أم الأندية والمنتخبات أم ان الموضوع قد غُيـِّب بالكامل وتم احتوائه بطريقة وأخرى حسب نفوذ هذا وذاك؟!
أعتقد جازماً أن المعادلة القديمة - الجديدة مازالت قائمة وسنجد دوماً مَن يتلاعب على كل القوانين ويستطيع الإفلات من العقوبة كالشعرة من العجين طالما بقي نظام تسجيل الأحوال الشخصية لدينا هشـاً ومن الممكن التلاعب به حيث ليس من سبيل في الوقت الراهن للخروج بنظام رقمي الكتروني عام يحد من هذه الظاهرة بنسبة تكاد تكون تامة كما هو الحال في الاتحاد الأوروبي الذي يتمتع فيه حامل الجنسية بنظام شفاف يُثبت حقه في صحة المعلومات الشخصية هذا كله من جانب ، ومن جانب آخر فإن التلاعب لا يتم فقط بالأوراق الثبوتية، بل باستغلال عوامل الشبه في الصور الشخصية وإبدال الأخوة والأقارب الأكبر عمراً من الفئة المستهدفة وقد سجلت عشرات الحالات من هذه الأنواع في البطولات المحلية للفئات العمرية.. وفي العام الماضي تحديداً كثرت الشكاوى من هذه الحالات ولا تقتصر هذه الحالة على الفئات العمرية لألعاب الأصحاء، بل تتعدى الى المعاقين ايضا وبطرق اخرى يُشيب لها شعر الوليد بما يؤكد أن المحتالين وصلوا الى درجات متطورة جداً في التزوير والتلاعب لا يوازيه إلا اجراءات متمرسة وخبرات من يحسنون التعامل مع هؤلاء وكشفهم والاعلان عنهم أمام أجهزة الإعلام بمختلف أنواعها مهما تكن مكانتهم وتاريخهم وانجازاتهم لانهم ارتضوا ان يدمروا هذا التاريخ بأساليب الاحتيال والانتهاكات القانونية ولا نغفل هنا جانب التثقيف المبكر بمختلف الوسائل للحد من هذه الظاهرة الشاذة بطبيعة الحال مع اعتماد اسلوب التفتيش المفاجىء طبياً ونفسياً والتسرّع باتخاذ الاجراء القانوني والإعلان عنه ليكون عبرة للآخرين ونؤكد ان يتم ذلك خلال البطولات المحلية للفئات العمرية لمختلف الالعاب وصولاً الى طي صفحة مهمة من صفحات الفساد التي أُبتليت بها رياضتنا وإنهاء هذا الملف المتكرر الذي نريد أن تكون الرياضة وأهلها بعيدة عن أساليبه.