أرغمت روحي على ان تتفاعل مع فرحة عيد الميلاد فلم تطاوعني هذه المرة. كلما أميل بها صوب الفرح ترتد نحو الحزن. لم اعهدها داكنة لهذا الحد من قبل. أحضرت لي، وعن سابق قصد، أشد ما في قصائد العراقيين وأغانيهم من حزن وأسى. كم كانت تلك الليلة جميلة عندما كنا بالعراق في أيام الصفاء قبل النفي. تبدل طعمها في المنفى لكن ظل بها شيء من الأمل أو الحلم: سيرحل الطاغية ونعود. رحل فجاء من بعده الذي هو ألعن. شاعر الموصل ختم موّاله:
كلما اجا العين اذّانه ومات وراح
العن يجينه ينسّينه الذي ماتوا
والشاعر الجنوبي قد شخص العلّة الكبرى:
يجينه العيد جان، وما مش اهدوم
هسة اهدوم عدنه وما يجي العيد
عندما اشتعلت سماء سدني بالفرح لأنها اول دولة يدخلها العيد خطرت الموصل ببالي مشتعلة باللحى الهمجية. المسيحيات اللواتي طردن كيف استقبلن هذه الليلة؟ والايزيديات السبابا؟ وعروسات ضحايا سبايكر وأمهاتهم وأخواتهم؟ وثكالى عشائر البو نمر؟
هنا في مصر، وجدت الناس تفرح وترقص وتغني والنساء اكثر ابتهاجا من الرجال، وكنت بينهم صافنا. قال لي صاحبي الفنان دع عنك حزنك الليلة. اعتذرت له وقررت ان اشترك في الجو. تحججت باني احتاج سماع أغنية عراقية لأنطلق. أعتذر المشرف على "الدي جي" وقال ليست لديه واحدة لكنه يمكن ان يستبدل طلبي بأغنية خليجية. لا داعي أخي واحسبني مثل تلك التي جاءت لتفرح فلم تجد مطرحا. أغاني العراقيين صارت شحيحة مثل أفراحهم. أوليس على قدر أهل العزم؟ نعم يا عريان: شحيحة افراحنه ودكانها امعزل.الأعياد صرت أحسها تعذبني فليتها ما أتت ولم تأت.
في ليلة رأس السنة
[post-views]
نشر في: 2 يناير, 2015: 09:01 م