TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > احتفالاً بالحياة ومباهجها

احتفالاً بالحياة ومباهجها

نشر في: 2 يناير, 2015: 09:01 م

العراقيون بشر.. وكسائر البشر ، فإنهم بلحم ودم وروح ومشاعر وعواطف.. وكسائر البشر أيضاً فإن أغلبيتهم الساحقة أسوياء.. غير الأسوياء منهم أقلية ضئيلة، ومن سوء حظ العراقيين ان أفراداً من هذه الأقلية تحكّموا بمصيرهم على مدى عقود من الزمن، وان البعض ممن لهم القوة والنفوذ في دولتهم الحالية هم من هذه الأقلية الضئيلة.
الأقلية الضئيلة أخذت العراقيين الى حروب داخلية وخارجية عبثية مدمرة، وهي لم تزل تعبث بمصير الأغلبية الساحقة بحرب طائفية همجية وفساد مالي وإداري لا نظير له يبرره بعض الضالعين به والقائمين عليه وحماته بانه استرجاع لثروة "مُغتصبة" مع سلطة "مُختطفة" على مدى ألف سنة وأكثر!
هذه الأقلية، باختلاف هويتها السياسية ، من عروبية وإسلاموية، أرادت دائما للأغلبية الساحقة أن تقبل بالظلم والضيم والإملاق وان تضحّي بالتنمية والرفاه ومتع الحياة في سبيل القضايا القومية المركزية أو قضية الدين والمذهب، وكأنما القومية والدين والمذهب لا تستقيم مع الحياة الحرة الكريمة، فالمكافأة مؤجلة الى الآخرة، أو الى المستقبل غير المحدد لقيام دولة الوحدة القومية واستعادة أمجاد الماضي الذي لم يكن مجيداً ، إلا في كتب التاريخ المزوّر، فيما الأقلية الضئيلة تستوفي مكافأتها نقداً، سلطةً ونفوذاً وثروات مكتنزة منهوبة من المال العام والخاص.
العراقيون بشر، وهم كسائر البشر محبّون للحياة، مقبلون عليها وعلى متعها.. ولم تُفد كل فتاوى "وعّاظ السلاطين" والإجراءات المتخلّفة في منعهم هذه المرة أيضاً من استقبال العام الجديد بما يليق به وكما تحتفل به سائر الشعوب والأمم.
احتفالات ليلة رأس السنة في العاصمة لم تقتصر على مناطق محدودة، ومنها امتدت الى مراكز عدد من المحافظات الأخرى، فضلاً عن طوفان التهاني الذي اجتاح قنوات التواصل الاجتماعي، في إعلان لافت بان العراقيين ليس قدرهم أن ينوحوا أبد الدهر وأن يلطموا الخدود والصدور على مدى الزمان.
ينبغي تشجيع الناس على حبّ الحياة، فمن لا يحب الحياة لن يكون في مستطاعه النضال في سبيل الحقوق والحريات، ولا في مقدوره التضحية بوقت أو مال أو بذل جهد من أجل اكتساب هذه الحقوق والحريات لنفسه ولغيره، ومشاركة الآخرين في الكفاح لتحسين ظروف الحياة وشروطها .. الذين لا يحبون الحياة يكونون سلبيين في كل شيء وحيال كل شيء.
منظمات المجتمع المدني، على وجه الخصوص، منتظر منها دور كبير وفعال في تشجيع الناس على مغادرة سلبيتهم وإيمانهم بالقدرية، وثمة مناسبات كثيرة قابلة للاستثمار في هذا الميدان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram