TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بكرة حمدية صالح

بكرة حمدية صالح

نشر في: 4 يناير, 2015: 09:01 م

البكرة اي شريط الحفلة الغنائية سجلت في العام الثالث من الحرب العراقية الايرانية ، الراحلة حمدية صالح مع بناتها كانت تغني في حفل اقيم بمناسبة شخصية لأحد المسؤولين وقتذاك المعروف عنه بأنه يعشق الطرب والكيف والغناء ، وله ذكريات وصور مشتركة مع مطربين معروفين ، في ذلك الحفل طلبت الفنانة من المسؤول ان يمنح غجر العراق الجنسية ، وبعد ايام قليلة من تسجيل البكرة ، صدر قرار يمنح ابناء هذه الشريحة الاجتماعية الجنسية بعد مرور قرون على حرمانهم منها ، الحصول على الجنسية وبفضل حمدية صالح وبناتها يحتم على الرجال والشباب اداء الخدمة العسكرية الإلزامية ، وكغيرهم من العراقيين قدموا قتلى وجرحى ومعاقين ، بفضل تلك الحفلة "البكرة " حققت المطربة الراحلة انجازا ثوريا لشريحة اجتماعية تعاني العزلة ويلاحقها الحيف ، ولم تستطع الانصهار بالمجتمع ، وفي السنوات الاخيرة بعد العام 2003 ، تعرضت لاعتداءات مسلحة ، وهجروا من مناطق سكناهم من قبل جماعات متشددة .
في تقرير تلفزيوني بثته فضائية عربية نهاية الشهر الماضي حول "غجر العراق " تحدثوا عن معاناتهم ورفض الاعتراف بجنسياتهم ،وفي تعليقهم على أصولهم الهندية طالبوا بتسفيرهم الى موطنهم الأصلي المفترض ، فهم هجروا من مساكنهم ، والكثير منهم تعرض للقتل ، وما تبقى منهم اتخذ من إسطبلات ساحة سباق الخيل في منطقة تقع بأطراف الكرخ ملاذا امنا لهم ، يواجهون صعوبة في تسجيل ابنائهم بالمدارس ، فانتشروا في الساحات العامة والتقاطعات وانضموا الى مجاميع المتسولين .
على الرغم من وجود اكثر من منظمة تعنى بحقوق الإنسان في العراق وهيئة عليا مستقلة ، ولجنة نيابية ، ووزارة ومئات الناشطين والناشطات ، لم تكلف جهة واحدة نفسها بزيارة اماكن سكن ابناء هذه الشريحة ، فهويات احوالهم المدنية تحمل رقم قرار ، يشير الى نسبهم ، والرقم اصبح لعنة تطاردهم ، والكثير منهم يتحاشى حمل اوراقه الثبوتية فاضطر الى الاستعانة بسوق مريدي للحصول على هويات مزورة ، تنقذه من الاحراج والنظرة الضيقة .
في حالات الصراع والنزاعات المسلحة تدفع الاقليات الثمن ، فهي المنطقة الرخوة الصالحة للغزو والفتك والقتل ، وفي التاريخ القديم والحديث شواهد ووقائع كثيرة ، واحتفظت المنطقة العربية بالحصة الاكبر ، وفي سنوات الاحتقان الطائفي في العراق ، اتفقت الجماعات المسلحة على ملاحقة الغجر ، لانهم لا ينتمون الى اي مذهب او عشيرة ،على الرغم التزامهم بتقاليد وعادات المجتمع .
ربما يندرج الحديث عن معاناة غجر العراق في المرحلة الراهنة ضمن البطر ، وحتى الكلام عن ثقافتهم يدخل ضمن المحظورات ، وفي الدول المتحضرة تولت جهات رسمية رعاية فنونهم ، لإغراض سياحية ، والحصول على موارد مالية ، وبعد رحيل حمدية صالح ، لم تظهر في الساحة من يشغل فراغها بتسجيل بكرة جديدة ، وبيعها في الأسواق الخليجية للحصول على موارد مالية تسهم في معالجة الخلل في موازنة العام الجديد.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram