TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بلعهم الحوت

بلعهم الحوت

نشر في: 7 يناير, 2015: 09:01 م

في معسكر التاجي شمالي العاصمة بغداد، استقرت وحدات من الجيش الاميركي بعد غزو العراق ، واول انجاز حققته كان بانشاء "سجن الحوت " خصص لحجز المعتقلين" بموجب الادلة السرية" مصطلح اميركي اطلق على خبراء واكاديميين من حملة الشهادات العلمية العليا ومنتسبي التصنيع العسكري ، استدعتهم فرق التفتيش ، وبعضهم تم تسفيرهم الى مقر الامم المتحدة في نيويورك لغرض الاستجواب والحصول على المعلومات عن اسلحة الدمار الشامل واعادتهم الى بغداد.
في الدورة التشريعية الاولى وعن طريق لجنة حقوق الانسان توفرت معلومات عن المحتجزين وكانت عضو المجلس زكية اسماعيل حقي اول من اشارت الى احتجازهم عبر تصريحات اعلامية وطالبت بتسليمهم الى السلطات العراقية ، لكن صوتها لم يصل الى الهدف وربما اطلقته في الوقت غير المناسب فلم يصل الى اصحاب القرار ، وفي ذلك الوقت كان الحل والربط بيد القوات الاميركية ، والحكومة عاجزة عن فرض ارادتها ، وبعد يوم السيادة تسلمت من الجانب الاميركي "سجن الحوت" وكان يضم مئات المعتقلين ، ولم يكن بينهم معتقل بموجب الادلة السرية.
طبقا لمعلومات حصل عليها اعلاميون من اشخاص مقربين من المحتجزين فان اعدادهم بلغت 219 شخصا ، بينهم ضباط برتب عسكرية عالية ، كانوا يعملون على برامج تصميم طائرة انذار مبكر ، واخرى لاغراض الاستطلاع ،اما الاخرون فهم من اساتذة الجامعات اصحاب تخصصات علمية مختلفة ، وكل هؤلاء تم تسفيرهم الى الولايات المتحدة مع اسرهم ، من دون علم ومعرفة السلطات العراقية.
بصرف النظر عن الاقوال السائدة والمتداولة من قبيل ازلام النظام السابق ورجال العهد المباد ، ورفاق الحزب المحظور، كان الاجدر بالحكومة واصحاب القرار التعامل مع الكفاءات العلمية بنظرة مجردة من اي بعد سياسي ، وحين شهدت المدن العراقية حوادث اغتيال طياريين عراقيين دعا الرئيس السابق جلال الطالباني لمن حالفه الحظ بالحفاظ على حياته من الطيارين الى التوجه لمحافظة السليمانية في اقليم كردستان ، ولا شك ان تكرار حوادث الاغتيال بوجود القوات الاميركية وصلت اخبارها الى المحتجزين بسجن الحوت ، وهذا ما شجعهم على الاستجابة للطلب الاميركي بالتوجه الى الولايات المتحدة ، استنادا الى قاعدة "نارك ولا جنة هلي" .
الحكومة العراقية وعلى لسان كبار مسؤوليها لطالما طالبت المجتمع و التحالف الدولي تزويدها باحدث المعدات والاسلحة العسكرية لمساعدة بغداد في حربها ضد الارهاب ، وانفقت ملايين الدولارت لتدريب طيارين في الخارج ، وفي المؤتمرات الصحفية المشتركة بين المسؤولين العراقيين وضيوفهم من العرب والاجانب ، تتجدد المطالبات بتقديم المزيد من الدعم العسكري للقوات المسلحة لكي تسهم في تنفيذ واجباتها بنجاح وتحقق انجازات على الارض ، فضلا عن التشديد على مضاعفة الطلعات الجوية ، لقصف معاقل الارهابيين ، وقطع طرق امداداتهم،خلاصة القول وبنظرة مجردة فقد العراق كوادر علمية من الاطباء واساتذة الجامعات ابتلعهم الحوت ، وانقطعت اخبارهم .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram