اعتباراً من اليوم سيكون الرئيس الديمقراطي باراك أوباما، أسير خصومه الجمهوريين الذين يسيطرون على الكونغرس، ليقودوا من مقاعده "مقاومة ديمقراطية"، لتشريع ما يعتبرونه إصلاحات اقتصادية مطلوبة، والتصدي لما يطرحه الديمقراطيون من مشاريع، وعين كل من الحزبين على الانتخابات الرئاسية المقبلة بعد عامين، والواضح أن الجمهوريين الذين يتمتعون بأكبر غالبية في مجلس النواب منذ عام 1930، وأول غالبية في الشيوخ منذ عهد الرئيس جورج بوش، لا يفكرون مطلقاً بمنح خصمهم الديمقراطي أي فرصة لكسب المزيد من التأييد لحزبه، بينما هم يعدون "لانقلاب" في السياسة الخارجية تعيد لبلادهم دور الدولة الأعظم، دون تقديم أي تنازلات في الساحة الدولية، تميز بها عهد أوباما الذي أسرف في بذل الوعود، ليثبت سريعاً بتردده وضعفه عدم قدرته على تنفيذها.
ما يهمنا خلال السنتين الأخيرتين من حكم أوباما، هو السياسة الخارجية، خصوصاً ما يتعلق منها بمنطقة الشرق الأوسط وقضاياها الملتهبة، حيث يخطط الجمهوريون للتصويت على عقوبات احترازية ضد إيران قبل انتهاء المفاوضات الدولية بشأن ملفها النووي، والواضح أن ملف العلاقات مع طهران يحظى بالأولوية، وهي خطوة قد تصطدم بفيتو رئاسي، يعقبه إعادة التصويت على النص من مجلسي الكونغرس، ويتطلب إقراره تأييد ثلثي الأعضاء، ما يعني الحاجة لانضمام العديد من الديمقراطيين إلى زملائهم الجمهوريين، والأهم بالنسبة لنا هو الموقف من الحرب ضد تنظيم داعش الإرهابي، وهذا ملف شائك يعتزم الكونغرس التدخل فيه، رغم عدم التوصل حتى الآن إلى إجماع بشأن حدود الالتزام العسكري الأميركي في العراق وسوريا، ما قد يترك لأوباما حرية التصرف، في حدود زيادة هذا التدخل وليس في أي خطوة تضعفه.
وإذ يعتبر الجمهوريون أن نمو اقتصاد بلادهم يعتمد على تطوير قطاع الطاقة، فيعملون على زيادة عمليات التنقيب عن النفط، ليكون ممكناً إلغاء القيود المفروضة على تصدير النفط الخام، المحظور تصديره من سبعينات القرن الماضي إثر صدمة الأزمة النفطية، غير أن فورة الإنتاج الأميركي مؤخراً، قد تؤدي على يد الجمهوريين إلى تحرير التصدير، لأن هذا الحظر عفا عليه الزمن، بالتأكيد سيكون لذلك تأثير مباشر على الدول التي يقتصر دخلها على ما تصدره من النفط، ومن بينها العديد من الدول العربية التي ستكون مجبرة على إعادة رسم سياساتها الداخلية، والتخلي عن الكثير من المشاريع نتيجة الانخفاض المتوقع لأسعار النفط، وتداعيات ذلك على مجتمعات اعتادت العيش برفاهية، معتمدة في تحصيل المال على النفط الذي ظل يتدفق في أنابيب التصدير، لتسجل العدادات أرقاماً فلكية، لم تكن تأخذ بالاعتبار أي محاذير لمستقبل هذه السلعة، وما قد يلحقها من تطورات.
سنتان صعبتان ينتظرهما العالم مع رئيس أميركي متردد وضعيف، حتى حين كان مؤيداً بأغلبية حزبه في الكونغرس، رغم أنه كان في حزبه من يرى أنه غير جدير بقيادة البلاد، لجأ إلى الفيتو الرئاسي مرتين خلال ست سنوات في قضايا هامشية، في حين استخدمه سلفه جورج بوش 12 مرة، وقبل ذلك لجأ إليه بيل كلنتون 37 مرة، بينما استخدمه فرانكلين روزفلت 365 مرة، غير أن المتفائلين بقدرات أوباما ينتظرون منه اللجوء إلى هذا الإجراء بشكل متزايد، خصوصاً في في ملف الهجرة، حيث يعتزم الرئيس الديمقراطي تشريع أوضاع ما يصل إلى خمسة ملايين مهاجر مقيمين بصفة غير قانونية، وهو ما يرفضه الجمهوريون متسلحين بقدرتهم على استخدام سلاح الميزانية، وفق استراتيجية محفوفة بالمخاطر، قد تقود إلى إغلاق بعض الإدارات، ومن أبرزها وزارة الأمن الداخلي.
أوباما في قبضة الجمهوريين
[post-views]
نشر في: 7 يناير, 2015: 09:01 م