الوفد السعودي خلال زيارته الأخيرة الى بغداد ، اختار منزلا يقع في حي الصالحية خلف مبنى وزارة الخارجية ، وحرص على ان يكون خارج المنطقة الخضراء، ليكون مقرا لسفارة المملكة ، وبعد انجاز هذه المهمة سيزور العراق في موعد لم يحدد بعد، وفد سعودي اخر لافتتاح مقر البعثة الدبلوماسية رسميا، ويدخل البلدان في شهر العسل ، وسط تمنيات الطرفين بأن يكون طويلا ، يمهد لمرحلة تجاوز الخلافات ، ووضع خريطة طريق لبناء اسس متينة للعلاقات المشتركة، وخاصة في ما يتعلق بالجانب الامني ، وتبادل المعلومات حول المطلوبين ، والاتفاق على بلورة موقف موحد لمحاربة الارهاب ، والحد من نشاط الجماعات المسلحة المتطرفة عبر اعتماد جملة خطوات ، في مقدمتها الوقوف ضد الأشخاص والجهات أصحاب فتاوى التكفير وترسيخ الانقسام الديني ، انطلاقا من دوافع مذهبية ، وإثارة قضايا خلافية يعود تاريخها الى بدايات العصر الإسلامي.
السعودية تعتقد ان العراق ارتمى بأحضان إيران ، فتعاملت معه استنادا الى هذا التصور ، ثم ترسخ وأصبح يقينا في أذهان أصحاب القرار في الرياض نتيجة تصريحات وممارسات سابقة غذتها مواقف وتصرفات الساسة الباحثين في العواصم العربية عن انقاذ المكون السني من التهميش والإقصاء ، ومنهم من اقنع مسؤولين سعوديين بان "سنة العراق" يتعرضون الى الإبادة على يد ميليشيات مرتبطة بطهران.
في السنوات الأخيرة من عمر الحكومة السابقة ، وحين وصلت العلاقة بين بغداد والرياض الى المزيد من التدهور ، على خلفية تقاطع المواقف تجاه الأوضاع في سوريا ، والسماح بالتمدد الإيراني في المنطقة من خلال البوابة العراقية ، صدرت من المملكة مواقف ترفض الولاية الثالثة للمالكي ، وبعد اختيار العبادي رئيسا للحكومة الجديدة أعلنت دعمها وترحيبها ، وعندما وقعت نكبة حزيران العراقية باحتلال محافظة نينوى انضمت المملكة الى التحالف الدولي ، واستقبلت رئيس الجمهورية فؤاد معصوم ، ثم رئيس البرلمان سليم الجبوري ، وطبقا لما أعلن، ابدى كبار المسؤولين في كلا البلدين حرصهما على تطوير العلاقات من خلال إبرام مذكرات تفاهم للتعاون الأمني والاقتصادي.
السعودية تريد من العراق تطبيق اتفاقية تبادل المحكومين ، وكانت لها سابقة في هذا الملف عندما سلمتها القوات الأميركية اكثر من مئة وخمسين معتقلا ادينوا بارتكاب جرائم ارهابية في العراق ، وتريد ايضا ان لا تكون ارض الرافدين منطلقا للتمدد الإيراني في المنطقة ، اما بغداد فتريد من المملكة التعاون الأمني ، وإلغاء الديون او تخفيضها ، وإحياء أنبوب نقل النفط العراقي الى ميناء ينبع ، وردع رجال الدين اصحاب فتاوى التكفير مثيري الفتن الطائفية ومشعلي الحروب الطائفية .
شهر العسل العراقي السعودي لضمان استمراره، يتطلب من بغداد والرياض المزيد من الزيارات المتبادلة للتوصل الى قاعدة عمل مشتركة تلغي ما أفرزته السنوات السابقة من تركة ثقيلة لم تخدم مصالح الشعبين يا طويل العمر .
عسل عراقي سعودي
[post-views]
نشر في: 9 يناير, 2015: 09:01 م