TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > الجيش وكيف يكون..

الجيش وكيف يكون..

نشر في: 9 يناير, 2015: 09:01 م

في ما يشبه الأغنية الحلوة، تحدّث رئيس الوزراء ووزير الدفاع، وكذا رئيس الجمهورية لاحقاً، بكلام جميل للغاية في مبناه وفي معناه بمناسبة عيد الجيش، ذلك ان النقطة الجوهرية في هذا الكلام هي تأكيد العزم على مكافحة الفساد في المؤسسة العسكرية وإعادة بنائها على أسس مهنية ووطنية.
انهم بهذا الكلام قد وضعوا الإصبع على الجرح النازف بغزارة، لكن الكلام وحده لا يفعل شيئاً ولا يحقق هدفا،ً إن كان كبيراً أم صغيراً.
الاحتفال بعيد الجيش جاء هذا العام أكثر صخباً وبهرجة .. نجد في ظروف الحرب الضروس مع الإرهاب مبرراً جزئياً لهذا، فتاريخ الجيش ليس ناصع الصفحات دائماً. من المفترض ان الجيش القديم قد انقطعت الصلة به منذ 2003، وان جيشاً جديداً تماماً قد انبثق، لكن يتبدّى لنا الآن أن جيش نظامنا الجديد لم يكن هو الجيش البديل لذلك الجيش الذي كثيراً ما استخدم في مهمات قذرة ضد الشعب، وخاصة في عهد صدام حسين، عهد الأنفال والمقابر الجماعية والحروب العدوانية ضد الجيران.. ما حصل في الموصل وسواها منذ سبعة أشهر شاهد صارخ، وقبل الموصل كانت للجيش والمؤسسات الأمنية الأخرى ممارسات غير سوية أيضاً، وهو أمر تتحمل القسط الأعظم من المسؤولية عنه القيادات السياسية التي وُضعَ الجيش تحت إمرتها.
العلّة تكمن في ما أشير اليه في كلمات رئيس الوزراء ووزير الدفاع ورئيس الجمهورية وسواهم، وهو ان الجيش الجديد لم يُبنَ على الأسس المهنية .. والأسس المهنية هي ما يجعل الجيش، أي جيش، مؤسسة وطنية رصينة وقوية. وعدم المهنية وضعف الوطنية هما ما جعلا مؤسسة الجيش لدينا قابلة لأن يجتاحها وباء الفساد الإداري والمالي ويتفشى في مفاصلها على هذا النحو المذهل، ولأن يخترق خطوطها ويدمّر دفاعاتها بسهولة تامة تنظيم داعش الإرهابي.
كيما يصح الصحيح لابدّ من العودة الى الخطوة الأولى الضرورية التي تفادتها الحكومات السابقة .. الجيش أهم مؤسسة وطنية في الدولة، ارتباطاً بمهمتها الأساس وهي صيانة استقلال البلاد وحفظ سيادة الدولة، والخطوة الأولى لجعله كذلك تكون بإعادة بنائه على الأسس المهنية، وهذا يبدأ بعملية التجنيد والقبول في الكليات العسكرية. واعتماد الأسس المهنية في إعادة بناء الجيش هو ما يضمن حصانته ومنعته حيال الفساد الإداري والمالي.
ومن مستلزمات أن يكون الجيش مؤسسة وطنية رصينة وقوية ومُهابة ومقتدرة ألا يُسمح بإنشاء تشكيلات عسكرية وأمنية في موازاتها، فهذا مما يصنع جيوشاً عدة تدمّر بعضها بعضاً، وتدمّر معها الكيان السياسي للدولة والنسيج الاجتماعي فيها.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram