اعتدنا في كل مرّة أن نصوغ أجمل قلادات الإطراء لأسود الرافدين قبيل مشاركاتهم في البطولات الكبيرة لمنحهم الحافز المعنوي على الظهور المشرّف لأن وراءهم وطن وشعب يترقبان الهدية بشهقة فرح غامر لفوز باهر أو تعادل بطعم النصر، فماذا ننتظر منهم اليوم أمام النشامى؟
صراحة قرأنا الكتاب من عنوانه كما يقال بعدما وجد الأسود انفسهم امام تحديات جديدة في توقيتات لا يقوون خلالها على اصلاح مكامن الضعف التي فضحتها دورة الخليج 22 بالرياض بسبب اصرار اتحاد كرة القدم على اضاعة المزيد من زمن التحضيرات في مشاورات جانبية مع المدرب السابق حكيم شاكر أو البرازيلي لازاروني أو انتقاء 50 لاعباً من الدوري بشكل غير مدروس، الأمر الذي دفع مدرب الطوارىء راضي شنيشل للقبول مرغماً بالأسماء التي وجدها امامه في معسكر عجمان بالإمارات والمضي برحلة التنافس بشيء من القلق والخوف من مفاجآت فنية صادمة ليس مسؤولاً عنها اذا لم تكن تحصيل حاصل رؤيته الفنية.
ربما طبيعة العلاقة الإيجابية والمسؤولة بين شنيشل وأغلب لاعبي المنتخب تعد سلاحاً قاطعاً لشكوك المراقبين بعدم قدرة الرجل على التوظيف السليم لعناصر المنتخب باعتباره يقود المنتخب الوطني اول مرة من موقع المدرب الأول وما تقتضيه هذه التجربة الصعبة من خبرة كافية وإلمام دقيق وتمرّس مجرّب سابقاً في كيفية معالجة الأخطاء أثناء سير المباراة لبطولة كبيرة لو تفحصنا سيرة جميع مدربي المنتخبات المشاركة سنجدها مليئة بالمحطات الجيدة سواء مع المنتخبات أم الاندية بمن فيهم مدرب البحرين مرجان عيد الذي عمل مساعداً في أكثر من مهمة مع مدراء فنيين لمنتخب بلاده، ومع ذلك يبقى المدرب راضي شنيشل الاستثناء في البطولة بحكم استقدامه من الدوري القطري في 21 كانون الأول الماضي في خطوة لم نخف صراحتنا بانها "مغامرة" لا يؤمن عواقبها لمدرب يقترب من مشارف العقد الخامس ولديه طموحات غير محدودة تتقدمها غيرته العراقية الأصيلة وحماسته بإنقاذ جيل لا يُختزل بتوليفة ما، بل يُمثل الحراك الفاعل في مستطيل المسابقة المحلية للسنين الخمس الماضية وئدت أمانيه بفعل فاعل وآن الأوان أن تمتد اليه يد شنيشل أو من يخلفه لاحقاً لاستعادة ألق اللعبة دولياً بعيداً عن نطاق (علاقات الدلال واللعب على العواطف)!
نأمل أن تكون ضربة البداية اليوم أمام الأردن فأل خير للمدرب والمنتخب وعدد كبير من لاعبيه، وفي مقدمتهم الكابتن يونس محمود الذي كشف في حوار خاص لـ(المدى) اليوم إنه جاهز للرد على جميع منتقديه ممن أشكَلوا على عدم استمراره في اللعب لأحد الاندية المحلية أو الخارجية منذ مدة طويلة واصابته قبل انطلاق دورة الخليج لضعف لياقته البدنية، لكنه في الوقت نفسه اعترف " أن المنتخب لن يقف على أحد، ومن أحكام كرة القدم هو إيمانها بتجديد اللاعبين بحكم تقدم الأعمار والإصابات" وليت هذا الأمر مدعاة للفعل بلا تحسس أو انفعال فهناك من يستاء لنقد الصحافة إذا ما طالبته أن يكون جاهزاً بمستوى الثقة في انتزاع مقعد المنتخب برغم وجود عشرات اللاعبين ممن ينتظرون اشارة المدرب لخوض المهمة الوطنية وبعكس ما ادعاه يونس أن هناك مَن مُنح الفرصة ولم يثبت جدارته وتناسى عن أية فرصة يتحدث والمدرب السابق قفل باب المنتخب على مجموعة لم يكن جُل عناصرها مؤهلين حتى للمجاملة، ورمى المفتاح في بحر عناده!
ختاماً لابد من الاشارة الى حُسن تدبير مسؤولي البعثة والملاك التدريبي بالرد المقابل وبتصريحات متوازنة على الهجمات الاعلامية المغرضة التي تشنها بعض الصحف والقنوات العربية والآسيوية منذ أن حطّ رجالها اقدامهم أرض سيدني لاسيما تلك التي تصنّف منتخبنا ضمن المنتخبات المودّعة مبكراً بينما الحقيقة أنها تعاني عُقداً مزمنة من الأسود الرافدين الذين كووا قلوب منتخبات بلادهم في المواجهات الشرسة أيام كان قميص المنتخب الوطني لا يُمنح عربوناً لصفقة صداقة حميمية تحت طاولة الرهان على الولاء الشخصي والفئوي!