أطلقت عدة منظمات دولية مبادرة تهدف إلى رسم خرائط للأحياء الفقيرة في كل أرجاء العالم سعياً وراء محاربة الأمراض المتفشية وإسراع وتيرة تطور هذه الأماكن . 
حسب مجلة "نيوساينتست"، يمثل حي "كامارانجيرتشار" واحداً من أكبر الأحياء الفقيرة في دكا عاصمة

أطلقت عدة منظمات دولية مبادرة تهدف إلى رسم خرائط للأحياء الفقيرة في كل أرجاء العالم سعياً وراء محاربة الأمراض المتفشية وإسراع وتيرة تطور هذه الأماكن . 

حسب مجلة "نيوساينتست"، يمثل حي "كامارانجيرتشار" واحداً من أكبر الأحياء الفقيرة في دكا عاصمة بنغلاديش، وعلى الرغم من أنه يسكنه مئات الآلاف من البنغال، إلا أنه ليس مدرجاً على خارطة البلاد.
ومن هنا، عقدت منظمات أطباء بلا حدود (MSF)، والصليب الأحمر الأمريكية والبريطانية، و"فريق العمل الإنساني خريطة الشارع المفتوح (HOT)" النية على إطلاق مبادرة تحمل اسم "الخريطة الضائعة" تهدف إلى بناء خرائط أساسية لأماكن كثيرة حول العالم النامي لم يكن لها وجود من قبل . والهدف الأسمى لأصحاب المشروع تحسين حياة الملايين عبر محاربة التلوث والأمراض .
يقول إيفان جايتون قائد المشروع "على الرغم من جودة خرائط دكا العاصمة، إلا أن حي "كامارانجيرتشار" الأكثر تلوثاً على كوكب الأرض، ولايزال يمثل ثقباً أسود على الخريطة" ولرسم خرائط الأماكن المستهدفة، سوف تزود منظمة أطباء بلا حدود متطوعين بهواتف ذكية لاستخدامها في تدوين الملاحظات التي تضم مواصفات لمواقع قريبة منهم، وتضاف كل التفاصيل المدونة إلى خارطة رقمية يمكن استعمالها مجاناً، مسماة باسم "خريطة الشارع المفتوح" . وسوف يسمح للمتطوعين بالاحتفاظ بالهواتف بعد اكتمال المشروع، ويحدو المنظمة الأمل في أن يكون المشروع بمثابة بذرة لكيان جديد يضم عدداً من راسمي الخرائط المحليين الذين سيتولون مهمة تحديث رقمي متواصل لحي "كامارانجيرتشار".
وسوف تتاح المشاركة لآخرين من خلال صور مطبوعة لخريطة الشارع المقطوع لأجزاء من الحي ليدونوا تعليقاتهم أسفل هذه الأجزاء التي تشمل مساجد ومشافي ومدارس ومصادر مياه . وسوف تميز كل قطعة من الورق بباركود معين . وبحسب مجلة "نيوساينتست" فللخرائط الدقيقة دور مهم في مكافحة أنواع عديدة من الأمراض، فيمكن احتواء تفشي الكوليرا مثلاً إذا أتيحت للعاملين في المجال الطبي القدرة على تتبع مصادر تلوث المياه، ويتطلب ذلك معرفة مكان المصابين بالعدوى .
وسبق لجايتون الإشراف على مهمة منظمة أطباء بلا حدود في زمفارا في نيجيريا، التي تعرضت في 2010 لأشد موجة من التسمم أودت بحياة 111 طفلاً، ويؤكد أن الخرائط تلعب دوراً مهماً في تتبع أوبئة مثل هذه وفي تتبع أماكن تلوث وتسمم مياه الشرب، ومن ثم يسهم ذلك في تحديد المكان المناسب لإنشاء العيادات الطبية، ولابد من توفر الخرائط الدقيقة لتنفيذ ذلك .
ولو كانت هناك خرائط دقيقة لكان من الأسهل مكافحة فيروس إيبولا الذي تفشى في غرب إفريقيا أوائل عام ،2014 وبعد انتشاره، جندت منظمة تعرف باسم "فريق خريطة الشارع المفتوح الإنساني" المئات من المتطوعين على الإنترنت لرسم ثلاث خرائط في غرب إفريقيا خلال 20 ساعة فقط . وساعد ذلك العاملين في المجال الطبي في العثور على الأشخاص الذين كان لهم اتصال بالفيروس وعزلهم وعلاجهم . ووجود هذه الخرائط عند بداية انتشار الفيروس كان من الممكن أن يحول دون تفشيه على الأقل .
وهناك أمراض أخرى يسهل السيطرة عليها في وجود خرائط دقيقة، فقط باستخدام الكلور، بحسب جايتون الذي يقول إن الأمر يتطلب منه فقط معرفة مصدر المياه المسببة للكوليرا، ثم استخدام الكلور لتطهيره، ولا يمكن فعل ذلك إلا في وجود خرائط واضحة .
ويعيش ملايين البشر حول العالم في أماكن ليس لها وجود على الخريطة، ما يفتح الباب أمام تعرضهم لمخاطر صحية عديدة، ففي جنوب الصومال مثلاً، هناك بلدان بأكملها ليست موجودة على الخارطة، وهناك مساحات شاسعة في الكونغو أيضاً مفقودة بحسب جايتون .
ويتيح تجنيد الكثيرين عبر الإنترنت لمنظمة أطباء بلا حدود إنشاء خرائط تفصيلية لأشد مناطق العالم فقراً التي لم يرصدها غوغل أو ميكروسوفت، بحسب بيتر لانس من جامعة كارولينا، الذي عمل في رسم خرائط للأحياء الفقيرة في دكا في 2005 .
يقول رامناث سوبارامان من مدرسة هارفارد للصحة العامة في بوسطون "لا تقتصر فائدة الخرائط على مكافحة الأمراض لكنها أيضاً يمكن أن تحسن حياة سكان المدن النامية، فتضاريس هذه الأماكن معقدة حتى بالنسبة إلى سكانها" .