رغم تأكيد المؤتمر الدولي للوحدة الإسلامية، الذي اختتم أعماله في طهران، أن الإسلام جامع لأهل القبلة، وأن التقريب بين المذاهب الإسلامية، سبيل مهم لتحقيق وحدة الأمة في شتى المجالات، وأن المنتمين إلى المذاهب الإسلامية التي تؤمن بأركان الإسلام وأصول الإيمان، يؤلفون بمجموعهم الأمة الإسلامية الواحدة، وأن إثارة أية فتنة طائفية أو عرقية، لا تخدم إلاّ أعداء الأمة، فإن المؤتمرين انقسموا إلى فريقين في المسجد، يؤدي كل واحد منهم الصلاة بطريقته الخاصة، ولم يكن كافياً كل حديثهم عن الوحدة ونبذ الطائفية، وأن التقريب بين المذاهب هو السبيل الوحيد لتحقيق وحدة الأمة الإسلامية، في دفعهم لتجاوز الشكليات، وأداء الصلاة جماعة كما ينبغي للمؤمنين، إلاّ إن كان كل فريق يؤدي صلاة مختلفة في الشكل والمضمون.
يعترف "العلماء" وإن ضمناً، أن فريقاً من المسلمين ينتقص من مكانة آل البيت الأطهار، يقابله فريق ينال من أمهات المؤمنين والصحابة والخلفاء الراشدين، ويعترفون أن هناك من يستبيح المساجد والحسينيات والزوايا والمراقد، لكنهم لا يجدون سبيلاً لمعالجة قضية كهذه، غير تثمين فتوى الخامنئي بتحريم النيل من رموز المذاهب الإسلامية، والإساءة إلى أمهات المؤمنين، ورغم أنهم يقولون إنها فتوى حظيت بترحيب واسع، من كبار علماء الأمة والأوساط الدينية والأزهر الشريف، فإننا على أرض الواقع لا نجد لها أثراً ولا صدى، حيث تستمر الممارسات المضادة لها عند المتطرفين من أبناء الطائفتين، وبدلاً من وضع ضوابط تمنع هذا الانفلات الذي يقوده "علماء" من كلا الفريقين، هرب المؤتمرون إلى مسألة نظرية، فحواها أن الأمة الإسلامية تواجه تحديات، تستهدف عقيدتها وشخصيتها وثقافتها ومقومات وجودها ودورها الحضاري المنشود، وتتعرّض لمؤامرات لتمزيقها جغرافياً، ولغوياً، وقومياً، ومذهبياً، وإبقائها متخلفة على الصعد الاجتماعية والعلمية والاقتصادية والعسكرية وغيرها، والإيجابية الوحيدة هنا هي الاعتراف بالتخلف.
مع الاعتراف بتقارب المذاهب، فإن العلماء يتمسكون بعصبيتهم، فيدعون إلى عدم السعي لنشر مذهب بين أتباع مذهب آخر، ثم يناقضون بيانهم الختامي فيزعمون أن ما تروّجه بعض الجهات، من محاولات تشييع أهل السنة أو تسنين الشيعة، لا يقصد منه إلا إثارة الفتن بين المسلمين، وتوسيع دائرة الخلاف بين صفوف الأمة، ويقفز المؤتمرون عن حقيقة أن هناك من يسعى لصرف المسلمين عن مذاهبهم وضمهم إلى مذهبه، ويرون أن مجمعهم العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، قام خلال ثلاثين عاماً بأدوار مهمة لتحقيق أهدافه، لكنهم يعترفون بتعرضه لمعوّقات نواقص تحول دون التسريع في تحقيق الأهداف المنشودة، ويقفزون إلى ما يرونه حقيقة مؤكدة، بأن القرآن والسنة حققا للأمة الإسلامية أجواءً إنسانية حضارية رائعة، وأشاعا حرية الاجتهاد، وأنه تبعاً لذلك كان تعدد المذاهب حالة طبيعية، لها أثرها الإيجابي في تنوع الحلول للمشكلات، لكنهم يتجاهلون الحرب المستعرة اليوم بين أتباع تلك المذاهب، في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وصولاً إلى أقصى حدود باكستان.
في موضع آخر يعترف المؤتمرون أن شيوع حالات التعصب، وجهل بعض أتباع المذاهب بحقيقة المذاهب الأخرى، انحرفت بتلك الحالة السوية، إلى حالة طائفية ممزقة، سادتها ظاهرة الغلو والتكفير والتطرف والتنافر والتمزق، ونقل النزاع الفكري إلى الساحة العملية، مما ترك آثارًا سلبية خطيرة على قوة الأمة وتماسكها، لكنهم فوراً يقفزون إلى التأكيد أن المذاهب الثمانية كلها مذاهب إسلامية، وان المنتمي الى أي منها يعتبر مسلماً، فكيف يوفق المؤتمرون بين هذا وذاك؟، والمهم أن البيان الختامي أشاد أكثر من مرة، بالثورة الإيرانية والإمام الخامنئي، والواضح أن ذلك هو الهدف، وقد تحقق، ولتذهب الوحدة إلى الجحيم.
مؤتمر الوحدة يؤكد الانقسام
[post-views]
نشر في: 12 يناير, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 2
ابو سجاد
الصراع مستمر وبدون توقف منذ 1400 سنة بين المذاهب والكل يقول انا على صواب واليوم ينافقون من جديد ويقولوا نحن اخوة وجميعنا مسلمون اله واحد ونبي واحد وقبلة واحدة لا والله انهم كاذبون ولا يؤمن احدهم بالاخر ويكفر بعضهم البعض الاخر
ابو سجاد
الصراع مستمر وبدون توقف منذ 1400 سنة بين المذاهب والكل يقول انا على صواب واليوم ينافقون من جديد ويقولوا نحن اخوة وجميعنا مسلمون اله واحد ونبي واحد وقبلة واحدة لا والله انهم كاذبون ولا يؤمن احدهم بالاخر ويكفر بعضهم البعض الاخر