اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > صاص للجند وقروض للمعركة

صاص للجند وقروض للمعركة

نشر في: 12 يناير, 2015: 09:01 م

من اطرف ما قرأت هذا الاسبوع، ما كتبته الصحافة الاميركية عن ثلاثة او اربعة او خمسة الاف مستشار اميركي (ضباط لا نعرف عددهم الدقيق) بدأوا يعملون في العراق منذ ٦ شهور، للمساعدة في كبح جماح داعش، وجزاهم الله خيرا.
وطوال هذه الشهور لم نر اي صورة لهؤلاء، لا فوتوغراف ولا فيديو، لا من كاميرا النقال ولا بتصوير سري من ايباد او ايفون. لم يتسرب شيء ابدا، علما انهم شاركوا في معارك حساسة للغاية، وينتشرون في حزام بغداد الشمالي، وفي عمق الانبار بقاعدة البغدادي وعين الاسد، وعلى طول جبهات البيشمركة. ولا ادري اي انضباط هذا الذي يمنع تسرب ولو صورة واحدة من الاف الضباط، في موسم يغري جميع المقاتلين بالتقاط صور في ساحة المعركة تؤدي احيانا الى نشوب ازمات وتبادل اتهامات.
الا ان الاعلام الاميركي اخذ رخصة كما يبدو ببث بعض الصور والحكايات ايضا، عن الاف الضباط الاميركان الذين يعملون في معسكرات الجيش، كمستشارين للتدريب وغير التدريب. واطرف ما نشر في هذا الباب ان الضباط الاميركان عادوا الى معسكر التاجي وتفاجأوا بان المعسكر ظل على حاله كما تركوه في اخر يوم من سنة ٢٠١١، وقد ظلوا مستغربين جدا، لان العراقيين مثلا، لم يكلفوا انفسهم حتى بفتح الثلاجات المملوءة بالكاتشاب او الصاص الفاخر، والتي تركها الجيش الاميركي وعاد بعد ثلاثة اعوام ليجدها متعفنة!
ولا ندري السبب في هذا، مع اننا شعب يحب الصاص، هل هو كسل الجنود وانعدام فضولهم حيال كميات الصاص، ام خوفهم من عقوبة، ام ان العراقيين كانت لديهم ايام حافلة في هذه الاعوام الثلاثة شغلتهم عن فتح حتى ثلاجات الاميركان. فقد انهمكنا بمتابعة العاب "توم وجيري" بين الخليفة والسلطان، وشذرات عبعوب، واحاجي القمقم، وما تتذكرونه من "معجون المحبة" الذي كفانا "شر" الكاتشاب المتعفن في برادات معسكر التاجي.
اما اطرف ما قرأت حول تحضيرات الحرب على داعش والتي تشترك فيها ستون دولة، ان محافظ نينوى اثيل النجيفي ظل يقترض لتمويل معسكر المتطوعين الذي اصبح الان ثلاث معسكرات على اطراف نينوى، ومتطوعو النجيفي ظلوا يعيشون على القروض وصمدوا ثلاث شهور، حتى اقنعوا واشنطن وبغداد، واربيل وانقرة، والاكراد والشيعة، بانهم جادون في القيام بمهمة التحضير للحشد ضد داعش، لكن النجيفي الذي اقنع كل هؤلاء، لم يقنع السنة! فقد باتت كل الاطراف مدركة لاهمية وجدوى ما يفعله المحافظ، حتى ان الجميع ضغطوا لدفع مرتبات المتطوعين، وبغداد وافقت اخيرا على الصرف وعلى التسليح، لكن المفارقة ان النجيفي لم يقنع طائفته بهذا. واقصد بعض طائفته، ممن يفهمون في كل شيء الا السياسة، ويعرقلون ظهور تمثيل سياسي متماسك لمدنهم، ولا يميزون بين من يصرخ على الشاشات بلا تدبير، ومن يعمل ويتفاوض بجد وبراغماتية لاصلاح ما خرب.
وأول ثمار هذا الجهد المثابر هو اشتراك عشائر وعوائل كثيرة، ومئات النازحين، مع البيشمركة وقوات الجيش، في معارك مخمور الاخيرة جنوبي اربيل والموصل، التي سقط فيها شهداء كثيرون من الكرد والعرب، وانتهت بمنع داعش من عبور دجلة.
لقد انقضت اعوام الترف الزاخرة بثلاجات الكاتشاب، واحاديث السياسة الفارغة المفضوحة بتعابير جوفاء من طراز "كاتشاب المحبة" نفسه، ولم يعد هناك وقت لتضييعه في سجالات مترددة وبطيئة، في سنة من اصعب الازمان، ينقص فيها المال، ويتزايد الموت وسحب البارود، وتتضاعف الحاجة لنقاشات مسؤولة سواء في ردهات معسكر التاجي، او عند ضفاف دجلة قرب مخمور، او جنوبا حيث يجرب البصاروة فرضيات جديدة لصيغة دورهم السياسي الغائب.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. ابو سجاد

    نرجوا من استاذ سرمد ان تبقى وتتابع هذا الموضوع لكي نعرف اين اصبحوا الامريكان وماذا يفعلوا وماذا فعلواخلال هذه المدة وهل حقيقي انهم منشغلون بداعش وكيف يتخلصوا منه اذا كان صحيحا هناك داعش وليس متمردين عراقيين تم اقصائهم او همشوا كما يدعي الكثير وما حجم الدو

  2. ابو سجاد

    نرجوا من استاذ سرمد ان تبقى وتتابع هذا الموضوع لكي نعرف اين اصبحوا الامريكان وماذا يفعلوا وماذا فعلواخلال هذه المدة وهل حقيقي انهم منشغلون بداعش وكيف يتخلصوا منه اذا كان صحيحا هناك داعش وليس متمردين عراقيين تم اقصائهم او همشوا كما يدعي الكثير وما حجم الدو

يحدث الآن

العراق الثاني عربياً باستيراد الشاي الهندي

ريال مدريد يجدد عقد مودريتش بعد تخفيض راتبه

العثور على جرة أثرية يعود تاريخها لعصور قديمة في السليمانية

"وسط إهمال حكومي".. الأنبار تفتقر إلى المسارح الفنية

تحذيرات من ممارسة شائعة تضر بالاطفال

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

العمودالثامن: عقدة عبد الكريم قاسم

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

وجهة نظر عراقية في الانتخابات الفرنسية

عاشوراء يتحوّل إلى نقمة للأوليغارشية الحاكمة

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

 علي حسين ما زلت أتذكر المرة الأولى التي سمعت فيها اسم فولتير.. ففي المتوسطة كان أستاذ لنا يهوى الفلسفة، يخصص جزءاً من درس اللغة العربية للحديث عن هوايته هذه ، وأتذكر أن أستاذي...
علي حسين

من دفتر الذكريات

زهير الجزائري (1-2)عطلة نهاية العام نقضيها عادة في بيت خوالي في بغداد. عام ١٩٥٨ كنا نسكن ملحقاً في معمل خياطة قمصان (أيرمن) في منتصف شارع النواب في الكاظمية. أسرّتنا فرشت في الحديقة في حر...
زهير الجزائري

دائماً محنة البطل

ياسين طه حافظ هذه سطور ملأى بأكثر مما تظهره.قلت اعيدها لنقرأها جميعاً مرة ثانية وربما ثالثة او اكثر. السطور لنيتشه وفي عمله الفخم "هكذا تكلم زارادشت" او هكذا تكلم زارا.لسنا معنيين الان بصفة نيتشه...
ياسين طه حافظ

آفاق علاقات إيران مع دول الجوار في عهد الرئيس الجديد مسعود پزشكیان

د. فالح الحمراني يدور نقاش حيوي في إيران، حول أولويات السياسة الخارجية للرئيس المنتخب مسعود بيزشكيان، الذي ألحق في الجولة الثانية من الانتخابات هزيمة "غير متوقعة"، بحسب بوابة "الدبلوماسية الإيرانية" على الإنترنت. والواقع أنه...
د. فالح الحمراني
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram