رفع منتخبنا الوطني لكرة القدم سقف الطموحات الى المستوى الذي يشعرنا بعودته الجادة الى المنافسة في الأدوار المتقدمة بعدما عانينا سني الإحباط منذ عام 2012 بسبب سياسة التخبّط لدى اتحاد اللعبة وعدم استقراره على الملاك التدريبي الكُفء وبقاء ملف المنتخب عُرضة للمجاملات بعيداً عن مصلحة الكرة العراقية ودفعنا ثمن ذلك في انتكاسة مُخجلة في خليجي 22 جعلتنا موضع تندّر إعلام المنتخبات الخليجية في سيناريو مشابه لمّا كنا نعيد لاعبيهم الى اوطانهم مثخنين بهزائم موجعة في الدورات 4و5و6و7.
إن الفوز اللافت للأسود على النشامى وإن تحقق بهدف واحد يعني الكثير للوسط الكروي المراقب باهتمام ربما يكون مُبالغاً في الاشهر الماضية لما يدور في اروقة اتحاد كرة القدم الذي أهمل تدبير شؤون التحضير المبكر للمنتخب وانشغل بمشاكله الجانبية بين الاعضاء ليأتي الفوز بمثابة مداواة موضعية لنزفٍ معنوي عانته كرتنا نتيجة لا أبالية الاتحاد من جهة وتداعيات التمسك بالمدرب السابق حكيم شاكر من جهة أخرى برغم تحذيراتنا المخلصة ليس ضد شخصه، بل لفشل تنظيم اللاعبين اثناء المباراة وتهميش عناصر مهمة بمزاج فني سجّل أغرب تعامل لمدرب وطني مع توليفة منتخب وَعَدَنا بصلاحيته للمهام الكبرى وثبت عكس ذلك!
ترى هل نجح راضي شنيشل في رسم صورة كاملة عن ملامح المنتخب الجديد خصوصاً إنه سعى لتكون الضربة الأولى ايجابية وتحطم جدار اليأس الذي حاول البعض بناءه من خلال انتقادات مُغرضة وتحليلات يُشم منها رائحة احتراق الضمائر قبل القلوب بدافع الغيرة والحسد والكُره لمدرب نبصم بالعشرة إنه بحاجة الى الخبرة لعدم امتلاكه تجربة سابقة بقيمة بطولة أمم آسيا لكننا وقفنا كلنا لمساندته مع زميليه يحيى علوان ونزار اشرف لأنهما رَضيا بتحمّل المسؤولية وسط ظروف خطيرة تعيشها اللعبة جرّاء احتقان الجماهير وسُخطهم على فقدان اللاعب العراقي الهوية الفنية وكأنه جاء ليتعلم فن تسجيل الأهداف للمرة الأولى في تاريخنا بعدما سجلناً هدفاً صريحاً فقط في 8 مباريات ، (3) منها رسميات و(5) وديات وهنَّ : أمام الكويت (0-1 )، ومع سلطنة عُمان (1-1) ياسر قاسم ، وخسرنا مع الإمارات (0-2) ، وعدنا لنتعادل مع الكويت ودياً (1-1) يونس محمود - ركلة جزاء ، وخابت توقعاتنا أمام اوزبكستان وخسرنا (0-1) اضاع علي بهجت ركلة جزاء ، وتكرر اللقاء مع اوزبكستان (0-0) اضاع المنافس ركلة جزاء، والتقينا إيران (0-1) اضاع يونس محمود ركلة جزاء، وأخيراً فزنا على نادي سيدني (3-0) سجلها مروان حسين (2) وعلاء عبد الزهرة.
هذه خلاصة لقاءاتنا الأخيرة ووصلنا الى قناعة شبه مؤكدة انه لا فرصة للخروج من عقدة العقم الهجومي إلا بتغيير ستراتيجية خط المقدمة في ظل وجود القائد يونس محمود "المُجهَد" والمُبتعِد عن "الفورمة" الناديوية لأكثر من سنتين باستثناء احترافه (6) جولات و(3) اهداف مع نادي الأهلي السعودي في الموسم الماضي وقضائِه الأشهر الماضية بتأهيل نفسه ورفع جاهزيته البدنية في نادي أربيل قبل ان يَحسم أمره بإطلاق وعده للمدرب راضي شنيشل أن يكون بقدر المسؤولية لكنه في لقاء الأردن لم يحقق ربع ما وعد به، بل كان يستحق الخروج من الشوط الأول ويمنح بديله احمد ياسين زمناً أطول ليكون عوناً للاعبي خط الوسط في إحالة ضغوط عملياتهم الى تهديد حقيقي على مرمى عامر شفيع.
ومع ذلك تبقى انضباطية اللاعبين وحُسن تحركهم باتجاه ساحة الخصم بحاجة الى الاقلاع عن التراجع غير المبرر لعمل الزيادة العددية امام مرمى جلال حسن ، وهذا الاسلوب ربما ينجح بوجود علي رحيمة بحكم خبرته في توجيه زملائه والتمركز في المكان الصحيح ، لكن غيابه له أثر كبير في ارتباك المنطقة الدفاعية خاصة اثناء الهجمات المرتدة وما تتركه من فراغات في التمريرات العرضية أو الى نقطة الجزاء، وهذا ما يراهن عليه المنتخب الياباني للوصول الى مرمى حسن، وهنا نسترعي انتباه المدرب ولاعبي المنتخب لمراجعة هذه الحالة في الوحدات التدريبية الحالية قبل مباراة لقاء القمة بعد غد الجمعة.
ليستثمر الأسود عودتهم الايجابية هذه باندفاع كبير وعدم الركون الى رسائل المديح والتثمين، بل تحفيز النفوس على صناعة انتصار جديد وقهر المنتخب الياباني – بطل النسخة الأخيرة – وذلك ليس مستحيلاً إذا ما أحسن اللاعبون استثمار الفرص وعدم السماح لأبناء (الساموراي) بالتنزه في منطقتنا أو الاحتفاظ بالكرة ، نريدها ذات البداية عامرة بالروح القتالية والعزم على التأهل أبطالاً عن المجموعة للمضي بعيداً في بطولة الأمل العراقي الذي دائماً ما يولد من رحم الأزمات!