طوال الحوار الذي أجرته قناة السومرية قبل أيام مع أمين بغداد، كانت هناك ظاهرة مؤسفة وهي الأخطاء في اللياقة، سواء على لسان مقدم البرنامج أو من خلال حديث الأمين الذي يحيلنا الى جلسات المقاهي. ايها السادة الأمر لا يحتاج إلى إرشادات من شخصي الضعيف، و توصيات بحسن الحديث، ولهذا سأتجنب مناقشة ما جرى على شاشة الفضائية لأنني اؤمن بما أوصانا به،نحن " الإعلاميين "، الصحفي المخضرم " مورت زوزنبلوم" في كتابه الممتع "من يسرق الأخبار" من ان:"المجادلة الفارغة تؤدي دوما الى ضياع الحقائق ورفسها الى زوايا العتمة."
عندما وضع عميل السي. آي. إي مايلز كوبلاند كتابه الشهير "لعبة الأمم" قال لمراسل الواشنطن بوست وهو يسأله عن اصعب موقف واجهه في حياته الوظيفية:" احد حكام أفريقيا وانا انقل اليه رسالة تطالبه بالتنحي لتجنيب البلاد مزيدا من الدماء والفوضى، قال وهو يشير الى كرسي الرئاسة: هل تريد مني ان أجلس آخر عمري على الأرض؟"
ولهذا، لازلت اعتقد ان العديد من ساستنا ومسؤولينا يؤمن ان المنصب غنيمة وفرصة لاتتكرر، ولهذا فهو يفعل المستحيل لكي يديم فترة الجلوس على أنفاس الناس.
يعرف قاموس اوكسفورد الكرسي بأن له "أرجلاً ومقعداً وظهراً".. وأصل كلمة "كرسي" كما جاء في قاموس ابن منظور "لسان العرب": هو "كراس" بناء يجلس عليه، ويطلق على السرير أيضاً، ويقال "اجعل لهذا الحائط كرسياً"، أي ما يعمده ويمسكه. والعرب نظرت الى الكرسي كبدعة ففضلوا عليه "التخت" وفرشوا عليه السجاد والوسائد ليستلقوا عليه بارتياح. وقد ذهب أعرابي لزيارة معن بن زائدة فوجده جالسا على تخت وثير فهجاه قائلاً:
"أتذكر إذ لحافك جلد شاة
وإذ نعلاك من جلد البعير
فسبحان الذي أعطاك مُلكاً
وعلّمك الجلوس على السرير
قبل ايام اطلعت على كتاب طريف بعنوان "أسوأ المهن في التاريخ " لمؤلفه توني روبنسون، يخبرنا فيه أن الكرسي علامة على المكانة الاجتماعية والرسمية، ويعكس نفسية من يجلس عليه، ويضيف أن في أوروبا في القرون الوسطى انتشرت مهنة حامل الكرسي.. حيث يقوم شخصان بحمل كرسي مثبت على عمودين طويلين يجلس عليه أحد عِلية القوم ويقول المؤلف: " اعتاد النبلاء وأصحاب المقامات الرفيعة ان يطلبوا حملهم في هذا النوع من الكراسي التي تغلف بستائر لا تكشف شخصية الجالس ". ويضيف: "كثيرا ما كان يشاهد في الشوارع حمالين يركضون وهم يتسابقون في الشوارع ويصرخون بالمارة محذرينهم من الاقتراب من الكرسي المحمول."
ينبهنا سارتر الى ضرورة مراقبة الطريقة التي يتحدث فيها من يجلس على كرسي السلطة والى مراقبة المفردات التي يستخدمها والتي تختلف حسب قوله عن المفردات التي تستخدم عندما يلقي المسؤول خطابه وهو واقف، يحلل سارتر الظاهرة، مؤكداً ان الحاكم يتحسس كرسيه كلما تحدث "ان الحاكم الفاشل يؤمن بان وجوده مرتبط بهذا الكائن الصامت (الكرسي) هو يعرف ان هذا الكائن يشحذ فيه أسلحة الدفاع عن النفس ويحول الخسائر الى انتصارات ".
ولأننا قوم الكراسي فان مسؤولينا عمرهم أطول من أعمار كراسيّهم، لا تستطيع قوة ان تزحزحهم عن كرسي السلطة، لا يهتز لهم جفن،، طالما قلوبهم تنبض بحب هذا الكائن الجامد.. ليس مهماً أبداً أعداد القتلى من الأبرياء ولا قوائم الأرامل واليتامى، ولا الأمن الذي يذهب ضحية اللامبالاة، ولا تزييف إرادة الناس، فالمسؤول يظل مبتسما على الرغم من انتشار الأمراض كالفساد والخراب والقتل على الهوية، لأنه ينعم بالجلوس على اكتاف حمالين مغلوبين على امرهم.
السر فـي الكرسي
[post-views]
نشر في: 16 يناير, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 6
ام رشا
ما الذي حققه المسؤول الذي حملتهم كرسيه على اكتافكم لمدة ثمان سنوات وما زلتم تطبلون و تزمرون له و تحلمون بتحقيق حلمه برئاسة مجلس الوزراء لمرة ثالثة اما يكفيكم أيها البائسون ما حدث و يحدث و ها هو عبعوب مثالا اخر على سوء الاختيار شخص بلا علم ولا ثقافة ولا من
خليلو...
جميل منك كعادتك في الكتابة هذا الربط المنثال على قارئك وانت تنتقل هذه الانتقالات في افكارك اجد من اتمام الامتاع ان اقول: كان معن بن زائدة من حلماء العرب فيضرب به المثل في الحلم الذي يفتقر اليه في يومنا هذا الكثيرون، اراد احدهم اختبار صدق المقال عن حلمه
داخل السومري
ألا لعنت ايها الكرسي كم اكرهك وامقتك لاني ارى من خلالك دمار شعبي وفقدان هويتي واندثار حضارة شعبي. وبما اني آخذ بفقدان الثقة بالعنصر البشري فدائما ما أسأل نفسي كيف سيكون شعوري لو انا فعلا جلست على هذا الكرسي. وجوابي على تساؤلي هذا هو اني سوف لن اختلف عن جل
ام رشا
ما الذي حققه المسؤول الذي حملتهم كرسيه على اكتافكم لمدة ثمان سنوات وما زلتم تطبلون و تزمرون له و تحلمون بتحقيق حلمه برئاسة مجلس الوزراء لمرة ثالثة اما يكفيكم أيها البائسون ما حدث و يحدث و ها هو عبعوب مثالا اخر على سوء الاختيار شخص بلا علم ولا ثقافة ولا من
خليلو...
جميل منك كعادتك في الكتابة هذا الربط المنثال على قارئك وانت تنتقل هذه الانتقالات في افكارك اجد من اتمام الامتاع ان اقول: كان معن بن زائدة من حلماء العرب فيضرب به المثل في الحلم الذي يفتقر اليه في يومنا هذا الكثيرون، اراد احدهم اختبار صدق المقال عن حلمه
داخل السومري
ألا لعنت ايها الكرسي كم اكرهك وامقتك لاني ارى من خلالك دمار شعبي وفقدان هويتي واندثار حضارة شعبي. وبما اني آخذ بفقدان الثقة بالعنصر البشري فدائما ما أسأل نفسي كيف سيكون شعوري لو انا فعلا جلست على هذا الكرسي. وجوابي على تساؤلي هذا هو اني سوف لن اختلف عن جل