TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > رحيل فاتن حمامة.. وجع عراقي

رحيل فاتن حمامة.. وجع عراقي

نشر في: 18 يناير, 2015: 09:01 م

لم أنتبه، إلا بعد ان ودعت زمن المراهقة المبكرة، إلى ان الراحلة فاتن حمامة كانت ممثلة تؤدي أدوارا قد كتبت لها. قبل ذلك كنت أتصور ان حياتها على الشاشة هي حياتها الطبيعية. في ذلك الوقت كنا من جيل يندر ان تجد به معجبا بفريق رياضي لهذا البلد أو ذاك. فلا فريق برشلونة ولا ريال مدريد أو ليفربول يهمنّا أو نهمه. ليست الرياضة إنما الفن، بشقيه الغنائي والسينمائي، كان شاغلنا.
مدينة الزبيدية، التي قضيت بها مراحل طفولتي ومراهقتي الأولى، كان شبابها من الجنسين منقسمين بين جماعة عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش. شارع لهذا وشارع لذاك. أما أنا ومعي ثلاثة فكانت فاتن حمامة حبيبتنا الروحية. اليومية (الخرجية) التي كنت أتسلمها يطير معظمها على شراء صورها. وعندما انتقلت إلى بغداد كنت ابخل على نفسي كي أوفر ثمن تذاكر حضور أفلامها. وقد أكرر مشاهدة الفيلم غير مرة.
عندما تأتي عيناها على الكامرة مباشرة أحسها تنظرإليّ أنا من دون الناس. وعندما تشكو أحس ان شكواها موجهة لي فأنتحب. راسلتها كثيرا. وبعد اكثر من عشر رسائل جاءني منها جواب مرفق بصورة فطفت على كل من اعرفهم فرحا وكأني فزت بالجائزة الأولى لسحبة يانصيب.
أحقد على من كان يقسو عليها خاصة زوج أمها. وأغار عليها جدا حين يلمسها أحد. كدت اقضم شفتي يوما من الغيظ حين باسها احد الممثلين. ما ارتحت إلا عندما تزوجت من عمر شريف، الذي وان كنت أغار حين يبوسها، لكني كنت أصبّر نفسي بأنه زوجها وأمرها وامري لله. ظلت فاتن تشكل ركنا كبيرا من ذاكرة طفولتي إلى اليوم. عندما قرأت نبأ رحيلها أحسست بأن ذلك الركن قد انهدم فأوجعني لا بل وأبكاني أيضا.
ما كنت احسب ان يهيّج موت فنّانة كل هذه المواجع عندي. ظننت انه لم تبق بداخلي خلية واحدة ظل فيها مكان خال من الوجع أو الحزن بعد الذي حل بالعراق. أي زمن أغبر هذا الذي تموت فيه فاتن حمامة وتبقى حياة أبو مدين الداعشية تتنقل بحرية بين بقاع الأرض حاملة تحت أبطيها متفجرات وخناجر لتطش الموت والرعب والسواد على الناس. وما أحمقه من قدر يستكثر الحياة على احمد المهنا ويهبها بسخاء إلى أبو بكر البغدادي!
إنها "الچيلة الما تندل" التي أبكت شاعرنا الطيب ناظم السماوي في:
بچيتك مو بچي البطران .. مثل بچي الكصب لو حن على المنجل
بچيتك والمن انعاتب؟ حلاة العتب لو صار العتب مكبل
يا سركي التفك .. يا چيلة ما تندل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram