ربما هي صدفة محضة أن تتزامن حملة اطلاق سراح السجناء في بريطانيا - آحادا ومجاميع - لتتبناها الصحافة (الإندبيندت، وإيفننغ ستاندرد، تحديدا) مع ما أعلن في بغداد عن النية بإطلاق سراح الآلاف من السجناء بعد أن اكتظت بهم السجون بشكل غير مسبوق.
الفرق واضح وعميق بين المبادرتين. ففي حين استندت الحملة البريطانية على أسس استبيانية لعدد السجناء المشمولين بالمبادرة، ونسبتها المئوية لمجموع السجناء، والآفاق التي تنتظرهم في الإعداد لمواجهة الظروف وإعادة التأهيل، والبحث عن فرص عمل،و..و..نجد الخبر العراقي عاريا عن التفاصيل، سوى الإشارة عن الرغبة بتخفيف الزخم الهائل والازدحام الكثيف في تلك السجون!!
انا مع إنسانية الإنسان — سجينا او مطلق السراح، مع نظرية إن ما من إنسان يولد مجرما بالفطرة— دعنا الآن من نظرية (سيزار لومبروزو) التي سأختارها للحلقة اللاحقة—بل يغدو مجرما بفعل عوامل تحيط به: كالبيئة والمجتمع والأسرة،والجهل والحاجة والضغوط النفسية والاجتماعية.والافتقار للرادع الديني …إلخ. ولكن اطلاق السراح العشوائي غير المدروس لمجرد تخفيف الزحام في السجون، كارثة حقيقية. حين يجد السجين نفسه — فجأة—طليقا، حرا، وهو بلا مال، ولا عمل، ولا مورد رزق معلوم ولا برنامج حكومي يستوعب مهاراته ،وقد يفتقد حدب الأسرة ونكران وتنكر العائلة… هذا الطليق الحر قد يعاود ارتكاب الجريمة او الجنحة تحت وطأة الجهل او الحاجة او العطالة. او حتى الرغبة الدفينة العارمة بالانتقام.
إن تفعيل مادة (الإفراج الشرطي في القانون الوضعي)بصرامتها ومرونتها،قد يقي السجين الطليق الكثير من العثرات.
اتمنى لو تبادر صحيفة المدى، او أية صحيفة ملتزمة أخرى بتجنيد كادر كفؤ صبور يتبنى متابعة شؤون المطلق سراحهم والسعي لإعادة تأهيلهم. او تسهيل مهمة زجهم في عمل يرفع عنهم الشين الذي يلاحقهم كونهم كانوا ذات يوم نزلاء سجون!
السجين إن حكى!
[post-views]
نشر في: 18 يناير, 2015: 09:01 م