في سنوات التخلي عن القول الشائع "خير الأسماء ما عُبِّدَ وحُمِّد " وقبل الدخول في مراحل اندلاع الصراع السياسي للوصول الى السلطة بانقلاب عسكري ودعم خارجي ، كان معظم العراقيين ونتيجة تأثرهم بأحداث محلية واقليمية، يفضلون اختيار اسماء شخصيات سياسية ومسؤولين وإطلاقها على أبنائهم وبناتهم ، للتعبير عن توجهاتهم الفكرية وانتماءاتهم الحزبية ، وشاع بين العراقيين اسم فهد وصارم وحازم قادة الحزب الشيوعي ، وحين سطع اسم الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر بوصفه رمز الأمة العربية وموحدها ، وقائدها لتحقيق الاستقلال كما يقول ما تبقى من أتباعه ومؤيديه حملت فتيات عراقيات اسماء عروبة وعربية و وحدة اما جمال فكان من حصة الذكور من مواليد ما بعد ثورة يوليو تموز المصرية.
بعد الإطاحة بالنظام الملكي في العراق وبروز الزعيم عبد الكريم قاسم انحسر اطلاق اسماء فيصل وغازي وعالية ، وحل بدلا عنها كريم وزعيم ، وفي السنوات الاولى من عمر الجمهورية وانفتاح العراق على المعسكر الاشتراكي كما كان يعرف وقتذاك ، ورغبة بغداد في تطوير علاقاتها الدبلوماسية مع دول تبنت مواقف مناهضة للامبريالية ، اختار معلم من اهالي مدينة تكريت قبل تحويلها الى محافظة ، اسم كاسترو ليطلقه على ابنه البكر ، فاعلن الرجل هويته السياسية فسهل لرجال امن السلطة معرفة ميوله وارتباطه الحزبي من دون الحاجة الى اخضاعه للتحقيق ، وفي مواسم الاضطراب السياسي وهي تغطي مساحة واسعة من التاريخ العراقي الحديث ، وبموجب العمل بقاعدة "من اسمك ادينك " تخلى ابو كاسترو التكريتي عن اسم ابنه، والرجل لم يكن منتميا لاي حزب سياسي لكنه اراد التعبير عن اعجابه بالزعيم الكوبي ، وتعهد امام المسؤول الامني بأنه سيتوجه فورا الى دائرة النفوس لتغييره ، لكن المشكلة ظلت قائمة ، فأصبح علامة دالة للتائهين فحين يسأل احدهم عن منزل شخص ما يأتيه الجواب سريعا " رابع بيت على اليمين بشارع كاسترو التكريتي".
بعد الغزو الاميركي للعراق ،سارع الآباء من حملة اسم صدام الى دوائر الاحوال المدنية لتغيير اسماء ابنائهم من صدام الى اخر ينسجم مع التحولات السياسية ، وموظفو الدوائر جزاهم الله خيرا انجزوا طلبات المراجعين بزمن قياسي لشعورهم بان الاحتفاظ بالاسم السابق ربما يعرض حامله واباه وجده لعواقب وخيمة ، ويحسبون من ازلام النظام السابق ، اعداء العملية السياسية والانتقال من الديكتاتورية الى الديمقراطية ، وفي النسخة العراقية من هذا النظام تجدد العمل بقاعدة " من اسمك ادينك " وعلى يد تنظيم داعش اتسعت القاعدة لتشمل بالاضافة الى الاسم القومية والمذهب والدين ، والانضمام الى الصحوات وقوات الجيش والشرطة ومحاربة الدولة الاسلامية ومن يعمل بوظيفة حكومية ، ويشاهد مباريات المنتخب العراقي لكرة القدم في بطولة اسيا ، بعد الوصول الى هذا المستوى من الانحدار ، هل يوجد ثمة مسوغ يمنع العراقيين من الاصطفاف على خط شروع واحد للقضاء على عدوهم المشترك ؟ علامة استفهام كبيرة بحجم النكبات العراقية .
كاسترو التكريتي
[post-views]
نشر في: 19 يناير, 2015: 09:01 م