TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > كاسترو التكريتي

كاسترو التكريتي

نشر في: 19 يناير, 2015: 09:01 م

في سنوات التخلي عن القول الشائع "خير الأسماء ما عُبِّدَ وحُمِّد " وقبل الدخول في مراحل اندلاع الصراع السياسي للوصول الى السلطة بانقلاب عسكري ودعم خارجي ، كان معظم العراقيين ونتيجة تأثرهم بأحداث محلية واقليمية، يفضلون اختيار اسماء شخصيات سياسية ومسؤولين وإطلاقها على أبنائهم وبناتهم ، للتعبير عن توجهاتهم الفكرية وانتماءاتهم الحزبية ، وشاع بين العراقيين اسم فهد وصارم وحازم قادة الحزب الشيوعي ، وحين سطع اسم الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر بوصفه رمز الأمة العربية وموحدها ، وقائدها لتحقيق الاستقلال كما يقول ما تبقى من أتباعه ومؤيديه حملت فتيات عراقيات اسماء عروبة وعربية و وحدة اما جمال فكان من حصة الذكور من مواليد ما بعد ثورة يوليو تموز المصرية.
بعد الإطاحة بالنظام الملكي في العراق وبروز الزعيم عبد الكريم قاسم انحسر اطلاق اسماء فيصل وغازي وعالية ، وحل بدلا عنها كريم وزعيم ، وفي السنوات الاولى من عمر الجمهورية وانفتاح العراق على المعسكر الاشتراكي كما كان يعرف وقتذاك ، ورغبة بغداد في تطوير علاقاتها الدبلوماسية مع دول تبنت مواقف مناهضة للامبريالية ، اختار معلم من اهالي مدينة تكريت قبل تحويلها الى محافظة ، اسم كاسترو ليطلقه على ابنه البكر ، فاعلن الرجل هويته السياسية فسهل لرجال امن السلطة معرفة ميوله وارتباطه الحزبي من دون الحاجة الى اخضاعه للتحقيق ، وفي مواسم الاضطراب السياسي وهي تغطي مساحة واسعة من التاريخ العراقي الحديث ، وبموجب العمل بقاعدة "من اسمك ادينك " تخلى ابو كاسترو التكريتي عن اسم ابنه، والرجل لم يكن منتميا لاي حزب سياسي لكنه اراد التعبير عن اعجابه بالزعيم الكوبي ، وتعهد امام المسؤول الامني بأنه سيتوجه فورا الى دائرة النفوس لتغييره ، لكن المشكلة ظلت قائمة ، فأصبح علامة دالة للتائهين فحين يسأل احدهم عن منزل شخص ما يأتيه الجواب سريعا " رابع بيت على اليمين بشارع كاسترو التكريتي".
بعد الغزو الاميركي للعراق ،سارع الآباء من حملة اسم صدام الى دوائر الاحوال المدنية لتغيير اسماء ابنائهم من صدام الى اخر ينسجم مع التحولات السياسية ، وموظفو الدوائر جزاهم الله خيرا انجزوا طلبات المراجعين بزمن قياسي لشعورهم بان الاحتفاظ بالاسم السابق ربما يعرض حامله واباه وجده لعواقب وخيمة ، ويحسبون من ازلام النظام السابق ، اعداء العملية السياسية والانتقال من الديكتاتورية الى الديمقراطية ، وفي النسخة العراقية من هذا النظام تجدد العمل بقاعدة " من اسمك ادينك " وعلى يد تنظيم داعش اتسعت القاعدة لتشمل بالاضافة الى الاسم القومية والمذهب والدين ، والانضمام الى الصحوات وقوات الجيش والشرطة ومحاربة الدولة الاسلامية ومن يعمل بوظيفة حكومية ، ويشاهد مباريات المنتخب العراقي لكرة القدم في بطولة اسيا ، بعد الوصول الى هذا المستوى من الانحدار ، هل يوجد ثمة مسوغ يمنع العراقيين من الاصطفاف على خط شروع واحد للقضاء على عدوهم المشترك ؟ علامة استفهام كبيرة بحجم النكبات العراقية .

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram