من معتقدات العراقيين من الجيل السابق وخاصة لدى النساء ان فتح أبواب الرزق والفرج والخروج من الشدة وعودة الغائب تتطلب زيارة مدن المراقد الدينية ، وطرح المشكلة أمام احد الأشخاص المعروفين بالورع والتقوى المتخصصين بقراءة واستشراف المستقبل ، والحصول على خرزة او حجارة صغيرة ، مع توصية بحفظها في مكان نظيف ، بعيد عن متناول أيدي الأطفال والمشكوك بطهارتهم ، والخدمة من هذا النوع تقدم لقاء مبلغ من المال باتفاق مسبق بين الطرفين ، ولطالما حذر رجال الدين دعاة محاربة الشعوذة زوار المراقد الدينية من الوقوع ضحايا ألاعيب الدجالين وأساليبهم ،مع دعوة الى أداء فريضة الصلاة بمواقيتها ، لكي يدخل الإيمان الى القلوب فيشعر المرء بالسعادة والانشراح لطرده الشياطين والقضاء على كبيرهم وصغيرهم ، بالدعاء والاستغفار والعمل بمبدأ الأمر بالمعروف والنهي على المنكر .
الدعوات والتحذيرات من مخاطر الاستعانة بالمشعوذين المتسترين بغطاء الدين لم تفشل تجارتهم ، والحاجة الى خدماتهم تتضاعف ، في مواسم الأزمات ، واندلاع الحروب ، وبروز أزمات اقتصادية ، واجتماعية ، ويزداد النشاط حين تضطرب الأوضاع الأمنية ، ويكون استخدام السلاح أمرا مألوفا شائعا وحالة طبيعية لإبراز القوة ، لدى الكبار والصغار المفطومين على البارود .
في سنوات فرض العقوبات الاقتصادية على العراق بعد غزو الكويت ، كان راتب الموظف في الحكومة والمتقاعد ممن امضى ثلاثين سنة في الخدمة لا يعادل شراء بطيخة، الجميع يعتمد على مفردات البطاقة التموينية في الحصول على المواد الغذائية وفي المناسبات الوطنية تعلن الجهات الرسمية بشرى منح المواطنين دجاجة لكل أسرة بصرف النظر عن عدد أفرادها ، وتعبيرا عن الاعتزاز بالمكرمة السخية ترفع البرقيات الى القيادة الحكيمة تعلن تجديد الولاء للوقوف ضد أعداء الأمة ، واستمرار الصمود لكسر الحصار الجائر ، وإحباط المخططات التآمرية الامبريالية والصهيونية ، في تلك السنوات العجاف ، اضطر موظفون ومتقاعدون الى وضع دينار في جيوبهم "قرأ عليه السيد" يعتقدون انه يبارك رواتبهم ويجعلها تغطي نفقاتهم أسرهم ، ويجلب لهم الرزق من مصادر تمويل خارجية ، ولاسيما ان اغلب الأسر في ذلك الوقت هاجر أبناؤها الى دول أوروبية ، ومن منحة اللجوء الانساني كانوا يحولون مبالغ بالدولار عند تصريفها الى الدينار تعادل رواتب سنة كاملة ، أما الأشخاص المحرومون من الإعانات الخارجية ، فليس أمامهم الا مزاولة مهن لاتنسجم مع طبيعة وظائفهم ، فضباط الجيش وأساتذة الجامعات ، وغيرهم ، عملوا كسائقي سيارات تكسي ، وبقية الموظفين استفادوا من امتياز حصولهم على بضائع من الأسواق المركزية ببيعها الى الدلالات ، وشراء الطحين والرز والحمص بفارق السعر.
موازنة العام الحالي تواجه مشكلة العجز المالي ، ويبدو ان الجهات المسؤولة عن إعداد مشروع قانونها لم يضعوا في اعتبارهم أهمية ان يباركها "دينار السيد " لتجاوز الأزمة المالية ، ومواجهة مشكلة انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية.
دينار السيد
[post-views]
نشر في: 21 يناير, 2015: 09:01 م