TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > دينار السيد

دينار السيد

نشر في: 21 يناير, 2015: 09:01 م

من معتقدات العراقيين من الجيل السابق وخاصة لدى النساء ان فتح أبواب الرزق والفرج والخروج من الشدة وعودة الغائب تتطلب زيارة مدن المراقد الدينية ، وطرح المشكلة أمام احد الأشخاص المعروفين بالورع والتقوى المتخصصين بقراءة واستشراف المستقبل ، والحصول على خرزة او حجارة صغيرة ، مع توصية بحفظها في مكان نظيف ، بعيد عن متناول أيدي الأطفال والمشكوك بطهارتهم ، والخدمة من هذا النوع تقدم لقاء مبلغ من المال باتفاق مسبق بين الطرفين ، ولطالما حذر رجال الدين دعاة محاربة الشعوذة زوار المراقد الدينية من الوقوع ضحايا ألاعيب الدجالين وأساليبهم ،مع دعوة الى أداء فريضة الصلاة بمواقيتها ، لكي يدخل الإيمان الى القلوب فيشعر المرء بالسعادة والانشراح لطرده الشياطين والقضاء على كبيرهم وصغيرهم ، بالدعاء والاستغفار والعمل بمبدأ الأمر بالمعروف والنهي على المنكر .
الدعوات والتحذيرات من مخاطر الاستعانة بالمشعوذين المتسترين بغطاء الدين لم تفشل تجارتهم ، والحاجة الى خدماتهم تتضاعف ، في مواسم الأزمات ، واندلاع الحروب ، وبروز أزمات اقتصادية ، واجتماعية ، ويزداد النشاط حين تضطرب الأوضاع الأمنية ، ويكون استخدام السلاح أمرا مألوفا شائعا وحالة طبيعية لإبراز القوة ، لدى الكبار والصغار المفطومين على البارود .
في سنوات فرض العقوبات الاقتصادية على العراق بعد غزو الكويت ، كان راتب الموظف في الحكومة والمتقاعد ممن امضى ثلاثين سنة في الخدمة لا يعادل شراء بطيخة، الجميع يعتمد على مفردات البطاقة التموينية في الحصول على المواد الغذائية وفي المناسبات الوطنية تعلن الجهات الرسمية بشرى منح المواطنين دجاجة لكل أسرة بصرف النظر عن عدد أفرادها ، وتعبيرا عن الاعتزاز بالمكرمة السخية ترفع البرقيات الى القيادة الحكيمة تعلن تجديد الولاء للوقوف ضد أعداء الأمة ، واستمرار الصمود لكسر الحصار الجائر ، وإحباط المخططات التآمرية الامبريالية والصهيونية ، في تلك السنوات العجاف ، اضطر موظفون ومتقاعدون الى وضع دينار في جيوبهم "قرأ عليه السيد" يعتقدون انه يبارك رواتبهم ويجعلها تغطي نفقاتهم أسرهم ، ويجلب لهم الرزق من مصادر تمويل خارجية ، ولاسيما ان اغلب الأسر في ذلك الوقت هاجر أبناؤها الى دول أوروبية ، ومن منحة اللجوء الانساني كانوا يحولون مبالغ بالدولار عند تصريفها الى الدينار تعادل رواتب سنة كاملة ، أما الأشخاص المحرومون من الإعانات الخارجية ، فليس أمامهم الا مزاولة مهن لاتنسجم مع طبيعة وظائفهم ، فضباط الجيش وأساتذة الجامعات ، وغيرهم ، عملوا كسائقي سيارات تكسي ، وبقية الموظفين استفادوا من امتياز حصولهم على بضائع من الأسواق المركزية ببيعها الى الدلالات ، وشراء الطحين والرز والحمص بفارق السعر.
موازنة العام الحالي تواجه مشكلة العجز المالي ، ويبدو ان الجهات المسؤولة عن إعداد مشروع قانونها لم يضعوا في اعتبارهم أهمية ان يباركها "دينار السيد " لتجاوز الأزمة المالية ، ومواجهة مشكلة انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

 علي حسين قالوا في تسويغ الافراج عن بطل " سرقة القرن " نور زهير ، ان الرجل صحى ضميره وسيعيد الاموال التي سرقها في وضح النهار ، واخبرنا القاضي الذي اصدر قرارا بالافراج...
علي حسين

العراق بانتظار العدوان الإسرائيلي: الدروس والعبر

د. فالح الحمــراني إن قضية أمن البلاد ليست ذات أفق عسكري وحسب، وإنما لها مكون سياسي يقوم على تمتين الوحدة الوطنية والسير بالعملية السياسية على أسس صحيحة،يفتقدها العراق اليوم. وفي هذا السياق يضع تلويح...
د. فالح الحمراني

هل هي شبكات رسمية متشابكة أم منظمات خفية فوق الوطنية؟

محمد علي الحيدري يُشير مفهوم "الدولة العميقة" إلى شبكة من النخب السياسية، والعسكرية، والاقتصادية، والاستخباراتية التي تعمل خلف الكواليس لتوجيه السياسات العامة وصناعة القرار في الدولة، بغض النظر عن إرادة الحكومة المنتخبة ديمقراطيًا. ويُعتقد...
محمد علي الحيدري

الليبرالية والماركسية: بين الفكر والممارسة السياسية

أحمد حسن الليبرالية والماركسية تمثلان منظومتين فكريتين رئيستين شكلتا معالم الفكر السياسي المعاصر، وتُعدّان من الأيديولوجيات التي لا تقتصر على البعد الفلسفي فحسب، بل تنغمس أيضًا في الواقع السياسي، رغم أن العلاقة بينهما وبين...
أحمد حسن
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram