اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > بين النزاهة والشفافية

بين النزاهة والشفافية

نشر في: 21 يناير, 2015: 09:01 م

في الموقع الالكتروني لهيئة النزاهة قرأتُ أمس بياناً من الهيئة تُبدي فيه ملاحظات على التقرير السنوي لمنظمة الشفافية العالمية حول مؤشرات الفساد الإداري والمالي في العالم. وكما في الأعوام العشرة الماضية فإن التقرير أبقى على العراق في خانة الدول الأكثر فساداً.
بالطبع نحن –عامة الناس في هذي البلاد– لم نكن لنحتاج الى تقرير الشفافية الدولية لنكتشف ان الفساد الإداري والمالي يعصف بأركان دولتنا وبمفاصلها، فحتى كبار المسؤولين في الحكومة والبرلمان والقضاء ما انفكوا يقرّون بان الفساد هو في مستوى إرهاب داعش في تهديده الخطير لكيان الدولة. المنظمة الدولية لم تتبلَّ على دولتنا بتصنيفها الى جانب الأفسد من دول العالم.
في بيانها تؤاخذ هيئة النزاهة المنظمة الدولية عن عدم فتح مكتب لها في العراق، وترى أن هذا مما يجعل تقارير المنظمة "تفتقر الى الدقة والموضوعية"، ويجعل المنظمة نفسها "غير مطلعة أو مدركة لنشاطات أجهزة العراق الرقابية المتمثلة بهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية ومكاتب المفتشين العموميين ومكتب غسيل الأموال وما حققته هذه الأجهزة من نتائج تجد أثرها في الواقع"، وترى أيضاً ان منظمة الشفافية "لو كانت حريصة على نقل الصور الواقعية لما موجود فعلاً في هذا البلد لعمدت الى انتقاء المعلومة من منهلها الأساسي دون اللجوء إلى ما هو بعيد عن الواقع"!
هذا كلام يمكن أن يصحّ في بلد كبريطانيا أو ألمانيا وليس في بلد بين دولته ومبدأ الشفافية عداء مستحكم، إن في عهود الدكتاتوريات البائدة أو في هذا العهد. دولتنا لا يوجد فيها قانون يُلزم بإتاحة المعلومات للإعلام أو الهيئات والمنظمات الوطنية والدولية أو الناس العاديين. منذ سنوات نكافح، نحن الإعلاميين، لاستصدار قانون يكفل حرية الإطلاع على المعلومات وحرية نشرها وبثّها، بيد ان الحكومة السابقة، بدلاً من ذلك، تقدّمت الى البرلمان بمسودتي قانونين تقيّدان على نحو مُشدّد حرية التعبير، هما مسودة قانون حرية التعبير عن الرأي والاجتماع والتظاهر السلمي ومسودة قانون جرائم المعلوماتية، فضلاً عن "قانون حقوق الصحفيين" الذي شُرّع في العام 2011 واستخدمته الحكومة السابقة للعمل على كبح حرية التعبير عبر وسائل الإعلام.
ليس بوسع أي وسيلة إعلام وطنية أن تحصل على ما تريد من معلومات من دوائر الدولة المحكوم موظفوها بقوانين تحظر عليهم تقديم هذه المعلومات التي تُعامل بوصفها "أسراراً"، فكيف يمكن لمنظمة دولية أن تحصل على ما تريد من معلومات في وضع كهذا؟
هيئة النزاهة نفسها التي يُفترض أنها مصدر غني بالمعلومات عن قضايا الفساد الإداري والمالي، تمتنع عن الإفصاح عن الكثير من معلوماتها الا إذا أرادت الحكومة ذلك أو سمحت به. وآخر الأمثلة على هذا ان الهيئة أعلنت أخيراً عن إدانة 1736 مسؤولاً وموظفاً بتهم فساد خلال العام الماضي، بينهم أربعة وزراء و53 مديرًا عامًا، لكنها لم تفصح عن اسم واحد من هؤلاء.. والحجة التي يقدمها عادة مسؤولو الهيئة تبريراً لذلك ان للمدانين عوائل، لكن الهيئة نفسها لم تتورع عن اتهام محافظ البنك المركزي السابق ونائبه وعدد من أفضل وأنزه خبراء البنك علناً وإصدار أحكام في حقهم (ألغاها القضاء لاحقاً)... لأن الحكومة السابقة كانت تريد ذلك بإلحاح، لغرض في نفس يعقوب!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. عبدالله أمين

    السلام عليكم تحية طيبة هيئة النزاهة أحد أهم أسباب الفساد، انظروا قصورهم وسياراتهم الفارهة وسفراتهم حيث يتفنون في إغلاق الدعاوى، بطرق يعجز عنها الشيطان نفسه،

  2. عبدالله أمين

    السلام عليكم تحية طيبة هيئة النزاهة أحد أهم أسباب الفساد، انظروا قصورهم وسياراتهم الفارهة وسفراتهم حيث يتفنون في إغلاق الدعاوى، بطرق يعجز عنها الشيطان نفسه،

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: فولتير بنكهة عراقية

من دفتر الذكريات

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: هناك الكثير منهم!!

قناطر: من وصايا أبي المحن البصري

العمودالثامن: إنهم يصفقون !!

 علي حسين كان الشاعر الزهاوي معروف بحبه للفكاهة والظرافة، وقد اعتاد أن يأخذ من زوجته صباح كل يوم نقوداً قبل أن يذهب إلى المقهى، ويحرص على أن تكون النقود "خردة" تضعها له الزوجة...
علي حسين

باليت المدى: على أريكة المتحف

 ستار كاووش ساعات النهار تمضي وسط قاعات متحف قصر الفنون في مدينة ليل، وأنا أتنقل بين اللوحات الملونة كمن يتنقل بين حدائق مليئة بالزهور، حتى وصلتُ الى صالة زاخرة بأعمال فناني القرن التاسع...
ستار كاووش

ماذا وراء التعجيل بإعلان " خلو العراق من التلوث الإشعاعي"؟!!

د. كاظم المقدادي (3)ميزانية بائسةبعد جهود مضنية، دامت عامين، خصص مجلس الوزراء مبلغاً بائساً لتنفيذ البرنامج الوطني لإزالة التلوث الإشعاعي في عموم البلاد، وقال مدير عام مركز الوقاية من الإشعاع في اَذار2023 إن وزارة...
د. كاظم المقدادي

السيستاني والقوائم الانتخابية.. ردٌ على افتراء

غالب حسن الشابندر منذ أن بدأت لعبة الديمقراطية في العراق بعد التغيير الحاصل سنة 2003 على يد قوات التحالف الدولي حيث أطيح بديكتاتورية صدام حسين ومكتب سماحة المرجع يؤكد مراراُ وتكراراً إن المرجع مع...
غالب حسن الشابندر
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram