TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > شـكو عليـك!

شـكو عليـك!

نشر في: 23 يناير, 2015: 09:01 م

لا أتذكر اسم الشاعر الذي قبل ان يموت أوصى ولده بوصية مكتوبة وصارمة ان لا يفكر يوما بأن يصبح شاعرا حتى يعيش ويموت بهدوء. كثير من الناس يحسد الشاعر. على شنو؟ ما أدري. في الأيام التي أغدق بها صدام على الشعراء الشعبيين بالمال والمسدسات والسيارات والبيوت كنت أجد حسد الناس لهم، او حقدهم عليهم، مبررا. لكن عدا ذلك ما قرأت عن شاعر من الحاج زاير الى الرصافي وغيرهما كثيرون الا وحزنت على حالهم. كان جبار الغزي يتلوى من الجوع ويصارع حر العراق وبرده بلا سقف يأويه، والمطربون الذين غنوا ما كتبه يعيشون بنعيم. مع هذا كان البعض يحسده ولا احد منهم يذكر مطربا بحسد.
ذات ظهيرة حارة في احد بارات أبو نؤاس، التفت صوب جبار مقاول يقيم كل ظهر في ذلك البار ليقول له: أحسدك على "غريبة الروح". كان جبار لحظتها في اشد حالاته عوزا فنهض صارخا: و لك على شنو تحسدني؟ هوّه شنو اللي ظل بيه حتى تحسدني عليه؟ انت اعمى لو تشوف؟
سكت المقاول مستغربا. ربما كان يتوقع انه بتلك الكلمة سيسعد جبار. لكن شاعرنا ظل يهدأ تارة ويثور في أخرى وهو يتحدث الى نفسه الى ان مزق قميصه من الغضب. عندها التفت صوب الحاسد: رضيت هو بس هذا القميص وشككته من وراك. من يومها ترك جبار ذلك البار ولم يعد اليه.
تذكرت قميص جبار وودت ان اشق قميصي مثله حين فاجأني عراقي قبل أيام في أحد البارات المصرية ليقول لي: شكو عليك يومية تكتب عمود! العراقي هذا مقاول أيضا ليس في البناء حسب بل وبأشياء أخرى علمها عند الله. يصفه ربعه انه يلعب بالفلوس لعب. قلت له يبدو انك تحسدني. لم يجب. زين على شنو تحسدني "استاد"؟ تبرع القوم بالرد نيابة عنه. هذا يقول انك فهمت أبا فلان غلط. وذاك يقول انه قصد امتداحك. آخر، يحسب نفسه على أهل الثقافة، ظل يبرر قول حاسدي ليعطيه بعدا فلسفيا وربما جغرافيا أيضا. لا أدري سر مجاملة الربع للزناكين خاصة "الدفّاعة" منهم.
قلت له: بصراحة انت اللي شكو عليك مو آني. ليش؟ اما ترى هؤلاء المعجبين بك كيف يدافعون عنك لحد أنك حتى لو "تنحنحت" سيقولون لك الله .. الله، أو أعد رحم الله والديك؟ شتقصد؟ اجبته مبتسما: لا شيء، لكن فقط أدعو الله ان يجعلك كاتب عمود يومي مثلي لأسمع ردك حين أقول لك: شكو عليك!

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram