اثارت الكندية أليس مونرو الكثير من علامات الاستفهام يوم حصدت اعلى جائزة في الأدب واعني بها نوبل، اسم لا نعرفه نحن الذين نلهج باسم همنغواي وسارتر وماركيز، ثم اننا نعتقد ان كندا لم تنجب من الأديبات سوى مارجريت آتوود التي قدم لنا الراحل جلال العشري مختارات من اعمالها التي تنزع نحو الخيال العلمي ، ولأننا نقضي نهاراتنا وليالينا "نلوك" بنظرية المؤامرة التي تقودها الامبريالية العالمية فقد كنت من الذين هزوا رؤوسهم استغرابا سمعت اسم السيدة مونرو، فماذا تعنينا امرأة تكتب قصصا قصيرة عن البرد والوحدة .
تبدع مونرو التي حالفني الحظ في ان اقرأ بعضا من أعمالها في تصوير حياة الريف الكندي وهي تحاول ان تقنعنا نحن القراء، فتقنعك في كل قصة من قصصها أن الواقع اهم من الخيال وأن الأساطير مجرد لهو فالأبقى هي الحقيقة التي نعيش تفاصيلها كل يوم وأن الإبداع قد يأتي من قلب الخراب وأن الحاضر والمستقبل ينبثقان من رحم الماضي, كما الأضواء من قلب الظلمات.
منذ سنين ونحن نعيش مسرحية أننا في طليعة البلدان الديمقراطية التي عُدّلَت إلى أننا في مقدمة الدول المستقرة سياسيا، ثم أصرّ ساستنا على السير بنا إلى الهاوية، وأن نعيش معهم فوق بركان يتطاير منه الشرر في كل ثانية.
واحدة من اشهر قصص مونرو بعنوان "على من نضحك " وهي مهداة الى احدى جارات صاحبة نوبل التي كانت حسب قول مونرو تثق كثيرا بالأخبار وبحكايات وخطب الساسة. القصة برغم موضوعها الجاد الا انها تناقش دور الضحك في حياة الناس ، عندما انتهيت من قراءة القصة تساءلت مع نفسي لماذا غاب الضحك عن حياتنا؟، منذ فترة طويلة وأنا أرصد نفسي والآخرين من حولي لا نضحك على شيء، أتابع مسرحية تشكيل الحكومة من على الفضائيات فتزيدني إحباطا، ابحث عن كاتب ساخر يعيد انتاج الحياة التي نتجرع سخريتها يوما بيوم، الاصدقاء على المقهى، الجيران، زملاء العمل، لا أحد يضحك هنا أو هناك، فما الذي حدث؟
الفيلسوف الفرنسي هنري برغسون يحاول ان يضع يده علي المشكلة "لا يمكن للضحك أن يحدث مفعوله إلا إذا سقط على صفحة نفس هادئة تمام الهدوء، منبسطة كل الانبساط، فاللامبالاة وسطه الطبيعي، وألد أعدائه الانفعال".
أيمكن أن يكون هذا التفسير مبرراً لما نحن عليه؟ فلا النفوس هادئة، والانفعال سيد الموقف في كل مكان، في أروقة الساسة، في دوائر الحكومة.. في الشارع المليء بالضجيج والصخب، والاهم في الفضائيات التي ما تنفك تذكرنا باننا نعيش عصر المسرحية الساذجة .
يرفض ساستنا الكرام حديث الخيبة والفشل، فهم مصرّون على أن يملؤوا الشاشات بخطب ومعارك نارية من نوعية "رفض الوجود البري للقوات الأميركية" و"لا مكان لتواجد أجنبي على أرض العراق".
في صبيحة كل يوم مطلوب منك ايها العراقي "المسكين" ان تضحك على حالك وأنت تستمع لعدد من سياسيينا ومسؤولينا، وهم يحذّرون سكان البيت الأبيض من دسّ أنوفهم في الشأن العراقي، وأسأل العديد من الزملاء: هل قرر أوباما أن يغزو العراق من جديد؟ فيأتي الرد ساخراً من الزملاء مع إحالة "جنابي " الى عدد من التصريحات التي أطلقها بعض السياسيين كان ابرزها ما قالته نائبة لطيفة وظريفة.
ماذا تقول، هاكم: كشف رئيس الوزراء حيدر العبادي، أن الطيران الإيراني خرق الأجواء العراقية ثلاث مرات، لافتا الى أنه قدم احتجاجاً رسمياً لطهران بشأن ذلك". نحييك على موقفك البطولي يارئيس الوزراء العراقي... لكن نريد منك موقفا اكثر بطولية تجاه قوات التحالف الدولي ، ونريد منك مذكرة احتجاج وموقف يتناسب مع بطولاتك تجاه ما اصدرته وزارة الدفاع الكندية من أن قوات كندية تشتبك الآن مع داعش في العراق.
مَن فعل بنا كل هذا؟ مَن أوصلنا إلى هذه المسرحية الساذجة؟ مَن نقل الأمل بإقامة دولة الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، إلى دولة مراهقي السياسة؟ مَن قادنا وسلّمنا إلى هذا المصير المضحك ؟
لماذا لا نضحك؟
[post-views]
نشر في: 24 يناير, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 2
عراقي
الاخ علي حسين المحترم تحياتي عنوان المقال ( لماذا لانضحك ) ،ولكن علينا أن ننتحر من الضحك لتناقض الكلام ،... في الصفحة /٤ لجريدتكم الموقره لهذا اليوم ( تصريح لنائب في البرلمان العراقي / السيد فالح الخزعلي / بعنوان / لن تدخل قوات أجنبيه للعراق من دون مو
عراقي
الاخ علي حسين المحترم تحياتي عنوان المقال ( لماذا لانضحك ) ،ولكن علينا أن ننتحر من الضحك لتناقض الكلام ،... في الصفحة /٤ لجريدتكم الموقره لهذا اليوم ( تصريح لنائب في البرلمان العراقي / السيد فالح الخزعلي / بعنوان / لن تدخل قوات أجنبيه للعراق من دون مو