TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > لقمة الزقوم

لقمة الزقوم

نشر في: 25 يناير, 2015: 09:01 م

الطبقة الوسطى في معظم البلدان الناهضة هي الداينمو الحقيقي لتحريك عجلة الاقتصاد في ذلك البلد . لا الأثرياء جدا حد البطر ، ولا مدقعي الفقر حد الكفر .
في عراق اليوم ، شهدنا اندحار الطبقة الوسطى حد التلاشي ، فنحن أمام طائفتين أو شريحتين فحسب : أثرياء جدا أو فقراء جدا .
………
تلبية لدعوة كريمة من زميلة قديمة . ولجت المطعم الفخم الضخم الغافي على جبهة دجلة ، لأشهد حلقة من زملاء قدامى ما التقيت بهم لسنوات خلت .
تواردت الصحون تباعا ، المقبلات الشهية محفوفة بأرغفة الخبز الحار ، هذا طلب دجاجا ، وذاك كبابا ، وتلك سمكا بالصلصة ، وآخر سأل عن ( يخني العدس !) و… و..
امتلأت المنضدة بالأطايب ، والجلسة باجترار الذكريات .
…………
في طريق العودة امتطيت سيارة تاكسي بعد أن ساومت السائق طويلا على مبلغ الأجرة .الزحام في الشارع على أشده . منظر المائدة الحافلة بالطيبات لم يفارق مخيلتي ، فجأة يتقافز من بين الزحام صبي بادي النحافة ، مهلهل الثياب، على محياه سيماء قتر ومعاناة
يمد يدا نحيلة ، يعرض محارم ورقية كمن يتوسل …. بربع دينار ، بربع دينار فقط .
أدس يدي في الحقيبة اليدوية ، وأدري ان ليس فيها (فكة ) ، أستل ورقة بخمسة آلاف دينار وأسلمها للصبي . شهق الولد امتقع لونه وتلجلج كلامه — حتى خشيت عليه من الإصابة بجلطة دماغية . قال مختنقا بعبرته : — والله ما عندي صرافة ،،
— خذها ، هي لك ، كلها لك .
—كلها ؟ كلها ؟!
نبرات صوته نشيج في مسمعي ، ودموعه المنسابة على خديه جعلت كل ما تناولته من أطايب في مطعم الأثرياء ، غصة ، أشد مرارة من طعم لقمة الزقوم .
………..
اخضر مصباح إشارة المرور ، تهادت السيارة حثيثا وسط الزحام . ليظل السؤال سوطا يجلد حامله : من ينقذ هذا الجيل من التشرد وذل السؤال في بلد يعلن حجم إهدار الثروات فيه بلغ أكثر من مئة مليار دولار ؟؟ . من ؟!
أما من مجيب ؟؟

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. ابو اثير

    سيدتي الفاضلة .... هو كم متسول وفقير ومسكين يمكننا أن نمد له يد العون في الطرقات والشوارع وأبواب الجوامع والحسينيات أنهم بألألاف وآلاف أخرى يستحقون عوننا ألا أنهم خارج المشهد اليومي قابعون في البيوت المتهالكة والمساكن الغير مكتملة البناء أو العشوائيات أو

  2. ابو سجاد

    اول من يتحمل هذه المسؤلية انتم يامن تسموا انفسكم السلطة الرابعة هذا يومكم وهذا ودوركم ولاعذر لكم والا ماهو دور الاعلام بوقا او قلما لاصحاب الموائد

  3. ابو اثير

    سيدتي الفاضلة .... هو كم متسول وفقير ومسكين يمكننا أن نمد له يد العون في الطرقات والشوارع وأبواب الجوامع والحسينيات أنهم بألألاف وآلاف أخرى يستحقون عوننا ألا أنهم خارج المشهد اليومي قابعون في البيوت المتهالكة والمساكن الغير مكتملة البناء أو العشوائيات أو

  4. ابو سجاد

    اول من يتحمل هذه المسؤلية انتم يامن تسموا انفسكم السلطة الرابعة هذا يومكم وهذا ودوركم ولاعذر لكم والا ماهو دور الاعلام بوقا او قلما لاصحاب الموائد

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

 علي حسين منذ أيام والجميع في بلاد الرافدين يدلي بدلوه في شؤون الاقتصاد واكتشفنا أن هذه البلاد تضم أكثر من " فيلسوف " بوزن المرحوم آدم سميث، الذي لخص لنا الاقتصاد بأنه عيش...
علي حسين

كلاكيت: مهرجان دهوك.. 12 عاماً من النجاح

 علاء المفرجي يعد مهرجان دهوك السينمائي مجرد تظاهرة فنية عابرة، بل تحوّل عبر دوراته المتعاقبة إلى أحد أهم المنصات الثقافية في العراق والمنطقة، مؤكّدًا أن السينما قادرة على أن تكون لغة حوار، وذاكرة...
علاء المفرجي

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

لطفيّة الدليمي هناك لحظاتٌ تختزل العمر كلّه في مشهد واحد، لحظاتٌ ترتفع فيها الروح حتّى ليكاد المرء يشعر معها أنّه يتجاوز حدود كينونته الفيزيائية، وأنّ الكلمات التي كتبها خلال عمر كامل (أتحدّثُ عن الكاتب...
لطفية الدليمي

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

رشيد الخيّون حصلت أكبر هجرة وتهجير لمسيحيي العراق بعد 2003، صحيح أنَّ طبقات الشعب العراقي، بقومياته ومذاهبه كافة، قد وقع عليهم ما وقع على المسيحيين، لكن الأثر يُلاحظ في القليل العدد. يمتد تاريخ المسيحيين...
رشيد الخيون
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram