الطبقة الوسطى في معظم البلدان الناهضة هي الداينمو الحقيقي لتحريك عجلة الاقتصاد في ذلك البلد . لا الأثرياء جدا حد البطر ، ولا مدقعي الفقر حد الكفر .
في عراق اليوم ، شهدنا اندحار الطبقة الوسطى حد التلاشي ، فنحن أمام طائفتين أو شريحتين فحسب : أثرياء جدا أو فقراء جدا .
………
تلبية لدعوة كريمة من زميلة قديمة . ولجت المطعم الفخم الضخم الغافي على جبهة دجلة ، لأشهد حلقة من زملاء قدامى ما التقيت بهم لسنوات خلت .
تواردت الصحون تباعا ، المقبلات الشهية محفوفة بأرغفة الخبز الحار ، هذا طلب دجاجا ، وذاك كبابا ، وتلك سمكا بالصلصة ، وآخر سأل عن ( يخني العدس !) و… و..
امتلأت المنضدة بالأطايب ، والجلسة باجترار الذكريات .
…………
في طريق العودة امتطيت سيارة تاكسي بعد أن ساومت السائق طويلا على مبلغ الأجرة .الزحام في الشارع على أشده . منظر المائدة الحافلة بالطيبات لم يفارق مخيلتي ، فجأة يتقافز من بين الزحام صبي بادي النحافة ، مهلهل الثياب، على محياه سيماء قتر ومعاناة
يمد يدا نحيلة ، يعرض محارم ورقية كمن يتوسل …. بربع دينار ، بربع دينار فقط .
أدس يدي في الحقيبة اليدوية ، وأدري ان ليس فيها (فكة ) ، أستل ورقة بخمسة آلاف دينار وأسلمها للصبي . شهق الولد امتقع لونه وتلجلج كلامه — حتى خشيت عليه من الإصابة بجلطة دماغية . قال مختنقا بعبرته : — والله ما عندي صرافة ،،
— خذها ، هي لك ، كلها لك .
—كلها ؟ كلها ؟!
نبرات صوته نشيج في مسمعي ، ودموعه المنسابة على خديه جعلت كل ما تناولته من أطايب في مطعم الأثرياء ، غصة ، أشد مرارة من طعم لقمة الزقوم .
………..
اخضر مصباح إشارة المرور ، تهادت السيارة حثيثا وسط الزحام . ليظل السؤال سوطا يجلد حامله : من ينقذ هذا الجيل من التشرد وذل السؤال في بلد يعلن حجم إهدار الثروات فيه بلغ أكثر من مئة مليار دولار ؟؟ . من ؟!
أما من مجيب ؟؟
لقمة الزقوم
[post-views]
نشر في: 25 يناير, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 4
ابو اثير
سيدتي الفاضلة .... هو كم متسول وفقير ومسكين يمكننا أن نمد له يد العون في الطرقات والشوارع وأبواب الجوامع والحسينيات أنهم بألألاف وآلاف أخرى يستحقون عوننا ألا أنهم خارج المشهد اليومي قابعون في البيوت المتهالكة والمساكن الغير مكتملة البناء أو العشوائيات أو
ابو سجاد
اول من يتحمل هذه المسؤلية انتم يامن تسموا انفسكم السلطة الرابعة هذا يومكم وهذا ودوركم ولاعذر لكم والا ماهو دور الاعلام بوقا او قلما لاصحاب الموائد
ابو اثير
سيدتي الفاضلة .... هو كم متسول وفقير ومسكين يمكننا أن نمد له يد العون في الطرقات والشوارع وأبواب الجوامع والحسينيات أنهم بألألاف وآلاف أخرى يستحقون عوننا ألا أنهم خارج المشهد اليومي قابعون في البيوت المتهالكة والمساكن الغير مكتملة البناء أو العشوائيات أو
ابو سجاد
اول من يتحمل هذه المسؤلية انتم يامن تسموا انفسكم السلطة الرابعة هذا يومكم وهذا ودوركم ولاعذر لكم والا ماهو دور الاعلام بوقا او قلما لاصحاب الموائد