الذين حملوا على وزير الثقافة ويواصلون الطعن والتنديد بإجراءات اتخذها في الأيام الأخيرة في إطار إعادة هيكلة الوزارة، لا أظنهم كانوا على حق، ومن الواضح ان ثمة أطرافاً ذات مصالح كبيرة قد تضرّرت أو ستتضرر تقف وراء هذه الحملة وتغذّي فتيلها.
من المفترض أن يكون المثقفون الأكثر استفزازاً حيال الظواهر السلبية في الدولة والمجتمع، وكل مثقفي العراق يعرفون أن وزارة الثقافة هي واحدة من أكبر بؤر الفساد في دولتنا، والسنوات العشر الماضية قدّمت مئات الأدلة القاطعة على هذا، فحتى في العاصمة بغداد، التي كانت لعقود متصلة قبلة ثقافية وطنية وإقليمية، ما من مسرح بُني أو رُمم وما من دار عرض سينمائي بُنيت أو رُممت وما من صالة للعروض الفنية التشكيلية أو الموسيقية بُنيت أو رُممت .. فأي معنى لوزارة للثقافة يتبقى إذا كانت لا تفعل هذا؟ أكثر من هذا ان الوزارة التي كثيراً ما اشتكى مسؤولوها من عدم تخصيص الأموال الكافية لها، أنفقت في عام واحد (2013) 500 مليون دولار على مشروع واحد هو مشروع "بغداد عاصمة الثقافة العربية" الذي جعل من بغداد في الواقع عاصمة للولائم وللسرقات باسم الثقافة، فلم يترك المشروع بموازنته المهولة أي أثر ذي قيمة يُمكن أن يجعلنا نشير بالبنان إلى ذلك المشروع والى ذلك العام والى الوزارة! .. الشيء الوحيد الذي يُشار إليه عن تلك الفعالية المُكلفة هو الفساد الإداري والمالي.
على الدوام كان المطلب الرئيس لكل المثقفين الحقيقيين مكافحة ظاهرة الفساد في الوزارة كيما تتكرس وزارة للثقافة عن حق. والآن إذ يتوفر للوزارة وزير متفرغ لها ويتعهد جعلها وزارة ثقافة ويبدأ بمكافحة الفساد واجتثاث الفاسدين، يُواجه بهذه الحملة اللئيمة التي من الواضح أن أصحابها لا يتورعون عن الكذب والتلفيق والسعي لتشويه السمعة.
الإجراءات التي اتخذها راوندوزي حتى الآن، وهي أقل بكثير مما مُنتظر منه أن يقوم به، تندرج أيضاً في إطار التقشف الذي تتجه اليه الدولة بكل مؤسساتها وأجهزتها، وهذا أمر صحيح وسليم وضروري في ظل الخراب الذي ورثته الحكومة الحالية عن سابقاتها، وفي ظل أزمة الانخفاض الفلكي لأسعار النفط، وفي ظل الحرب المصيرية المكلفة ضد الإرهاب.
أحسب ان المنتظر أن يؤيد المثقفون الحقيقيون إجراءات الوزير راوندوزي وأن يطالبوا بتعميمها على سائر الوزارات، ففي وزارات الدولة الأخرى بؤر كثيرة للفساد المالي والإداري وللتبذير ونهب المال العام.. مراكز الإعلام والعلاقات المتضخمة في هذه الوزارات ومديرياتها، والمطبوعات المضاعفة تكاليفها (لزوم نهب المال العام) التي تصدرها هذه الوزارات ومديرياتها وتتكرس صفحاتها لصور الوزراء ورؤساء المؤسسات والمدراء والمفتشين العموميين، تحتاج الى إعادة نظر جذرية والى تطبيق إجراءات تقشف كبيرة فيها.
هل نريد مكافحة الفساد الإداري والمالي؟
هل نريد وقف النهب السافر للمال العام؟
هل نريد إعادة الهيكلة؟
هل نريد ثقافة؟
إذاً، لا مناص من تأييد الوزير راوندوزي في إجراءاته.. بل علينا أيضاً الضغط عليه لتسريع قطار الإصلاح بعض الشيء.
هل نريد ثقافة؟
[post-views]
نشر في: 25 يناير, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 2
عطا عباس
... هل نريد ثقافة ؟ ٠٠٠نعم نريد ثقافة ، ونريد أيضاً وزيرا يعرف القراءة والكتابة ، لا وزيرا يحول معلما أساسيا لأية دولة تحترم نفسها ، كوزيرة الثقافة ومؤسساتها ، الى مرتع للنهب والفساد والأفساد وإقصاء مثقفي البلد الحقيقيين ، كما فعلها حضرة الوزير السا
عطا عباس
... هل نريد ثقافة ؟ ٠٠٠نعم نريد ثقافة ، ونريد أيضاً وزيرا يعرف القراءة والكتابة ، لا وزيرا يحول معلما أساسيا لأية دولة تحترم نفسها ، كوزيرة الثقافة ومؤسساتها ، الى مرتع للنهب والفساد والأفساد وإقصاء مثقفي البلد الحقيقيين ، كما فعلها حضرة الوزير السا