TOP

جريدة المدى > تقارير عالمية > الأقليات في العراق.. رحلة بين معتقدات وأديان ستتوارى

الأقليات في العراق.. رحلة بين معتقدات وأديان ستتوارى

نشر في: 27 يناير, 2015: 09:01 م

الرحلة التي قام بها جيرارد رسل الى العراق كانت مدهشة، علماً أن هدفه كان البحث عن الأديان التي تتوارى في الشرق الأوسط.في ربيع عام 2006، كان جيراراد رسل، دبلوماسياً ضجراً من حرارة المنطقة الخضراء في بغداد عندما اتصل به رجل دين من طائفة المندائيين.والمن

الرحلة التي قام بها جيرارد رسل الى العراق كانت مدهشة، علماً أن هدفه كان البحث عن الأديان التي تتوارى في الشرق الأوسط.
في ربيع عام 2006، كان جيراراد رسل، دبلوماسياً ضجراً من حرارة المنطقة الخضراء في بغداد عندما اتصل به رجل دين من طائفة المندائيين.
والمندائيون، كما يعلم، يدعون انهم من نسل شيت، ابن آدم، ويعتقدون ايضاً انهم اخر اتباع يوحنا المعمدان، وانهم ايضاً آخر بقايا طائفة الغنوس، التي انتشرت في الشرق الأوسط، كما ان الباحثين العرب يصفونهم (آخر البابليين).ويقول رسل: "لقد بدا لي إثر تلك المكالمة انني سأذهب لمقابلة احد فرسان المائدة المستديرة"، وبدأ يهيئ لذلك اللقاء، وقرر مقابلة رجل الدين المندائي، في فندق الرشيد، القريب من المنطقة الخضراء، وعلى أي حال، فان المقابلة لم تكن ناجحة اذ اخبر رجل الدين الكبير رسل، كيف ان غزو الأميركيين اطلق موجة من الاضطراب بين اتباع الطائفة، الذين كانوا مرتاحين، قبل الغزو الأميركي، اذ ان صدام حسين كان يجد فيهم "علاقة بالامبراطورية البابلية، وآخر البابليين". ويكتب رسل في مذكراته التي صدرت مؤخراً: "وبعد سقوط نظام صدام حسين، ومجيء الأميركيين أصبحت الحياة مستحيلة."
وتحدث رجل الدين عن سلسلة المحادثات التي ارغموا عليها، اضافة الى انفجار القنابل والقتل والخطف من اجل دفع الفدية، التي أثرت على قومه منذ عام 2002، وقال ايضاً: "انه يريد نقل اتباعه كافة الى الغرب، هناك بضع مئات منهم حالياً في العراق ونحن نريد الانتقال، ونريد من حكومتك ان تمنحنا المأوى".
ان تعدد الأديان المتنوعة للامبراطورية العثمانية غدا حقيقة سياسية في الشرق الأوسط ودول البلقان، منذ القرن التاسع عشر، وعاش الجميع تحت حكم السلاطنة، الولاءات المتعددة والقبائل المتنوعة، وحتى ان لم يكن هناك انسجام تام بينهم، ولكن بعد انسحاب العثمانيين من دول البلقان في أوائل القرن التاسع عشر، وتساقط أرجاء الامبراطورية كافة اثر نتائج الحرب العالمية الاولى، تمزقت قطعة القماش المؤلفة من خليط غير متجانس.
وعانت معظم الأراضي العثمانية السابقة من فترات دموية – ومنها تركيا 1919 – 1921، فلسطين عام 1948، قبرص 1963 – 1964، لبنان 1975 – 1990، العراق من 2002 وحتى الآن، وتطور الأمر في سوريا الى حرب أهلية منذ عام 2011، ونتائج كل حرب، من ساراييفو الى بغداد، كانت موجات من الهجرة للأقليات، والمعاملة الحسنة للمسيحيين تحت الحكم الاسلامي تتناقض مع مصير اليهود او المسلمين في اسبانيا – القرن الخامس عشر، حيث تم إرغامهم على الهجرة او اعتناق دينهم، وحتى انهم تعرضوا للقسوة والمساءلة ويعترف الأوروبيون: (لاتوجد بلاد على الأرض، فيها كافة الأديان، ويعيشون احراراً، دون ان يتدخل احد في حياتهم، الا في تركيا)، وكل هذه الأمور جرت بعد الحرب العالمية الاولى، وبدأت سلسلة من الدول العرقية – الدينية ومنها في صربيا – تركيا واسرائيل.
أما دراسة رسل فهي تتناول الأديان الموشكة على الاندثار، في الشرق الأوسط، بعد رحلاته في الشرق الأوسط، فهي تجمع الخيوط مع بعضها، كما أنها تمزج الماضي مع الحاضر وهو يستفيد من رحلاته في الشرق الأوسط وله مقدرة على مزج الماضي بالحاضر، وايضاً الاستفادة من التاريخ واللاهوت ومعرفته الواسعة للغتين العربية والفارسية.
ان الفصل الاول من (مندين) والمندائيون عادة يبدون أواخر الغنوصية، مع ان كافة تقاليدهم وعاداتهم تماثل ما كان سائداً في قرون اقدم، ومخطوطاتهم مكتوبة بلغة اقرب الى اليهودية التي استخدمها الباحثون اليهود الذين صنفوا التلمود البابلي.
اما موسيقاهم وتجنبهم اللحم والكحول وشكهم بالجنس وتجنبه، و استخدامهم للفلك والسحر والرقية، فهي ماتزال تستحضر الآلهة عشتار، فهي من الموروثات البابلية، والأمر نفسه مع الايزيدية، وقد تم اتهامهم من قبل المسلمين والمسيحيين بكونهم عبدة ملك طاووس، فهي من آثار الآشوريين والسومريين ومعتقداتهم.
وبعد انتهاء الحرب العالمية الاولى، تكونت سلسلة من الدول العرقية – الدينية، ومنها صربيا، تركيا واسرائيل، وفي تلك الدول نجد ان المواطنة مرتبطة بالدين والهوية والعرق، وفي تلك الدول يكون الحكم للأغلبية، وتبقى الأقلية غير مرحب بها.
وهذه العملية تسارعت في القرن الحادي والعشرين وخاصة في العراق، سوريا ومصر، مع أفول الشيوعية والوطنية والعربية، مع تقدم الإسلام والطائفية، ومع صعود السلفية الإسلامية، ويلاحظ (رسل): "في مصر تصاعد العنف في الأعوام الخمسين الاخيرة، وخاصة ضد الأقباط، وكذلك في العراق."
وفي هذه الحالة، فان وضع الأقلية يتراجع وغير ممكن الدفاع عنه، وفي سوريا غادر آخر الأرمن، وفي مصر بدأ الأقباط في مغادرة مصر، وفي مناطق شرق تركيا، حيث الزوروستريانر وجماعة كافر – كالاش في افغانستان، جرت خطوات مماثلة في زيادة العنف والذي يدفعهم الى الهجرة.
وقد نشرت دراسات جيدة حول هذا الموضوع وكانت كل واحدة منها تتناول عرقاً وانتماءً دينياً واحداً، ويبدأ هذا الكتاب مع بغداد وينتهي بآخر وهي الأراضي القاحلة في ديترويت، وهي الغاية المقصودة، حيث تنتهي الرحلة، وفي هذا الكتاب يأخذنا جيرارد رسل في رحلة ساحرة عبر معتقدات واديان غير معروفة إلا للقلّة – اضافة الى المندائيين والايزيديين، وفيها نقابل آخر الزرادشتيين الايرانيين، والدروز والأقباط في مصر.
الكتاب له أهميته لأنه يشير الى أمور ستختفي الى الأبد.
 عن: النيويورك تايمز

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برنامج دولي لتحقيق أمن غذائي دائم للمتضررين فـي العراق

برنامج دولي لتحقيق أمن غذائي دائم للمتضررين فـي العراق

 ترجمة / المدى في الوقت الذي ما تزال فيه أوضاع واحتياجات النازحين والمهجرين في العراق مقلقة وغير ثابتة عقب حالات العودة التي بدأت في العام 2018، فإن خطة برنامج الأغذية العالمي (FAO )...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram