TOP

جريدة المدى > سينما > كلينت ايستوود ينسج إسطورة من الحقيقة.."القناص الأميركي".. ساحته العراق ومعركته مع الإرهاب

كلينت ايستوود ينسج إسطورة من الحقيقة.."القناص الأميركي".. ساحته العراق ومعركته مع الإرهاب

نشر في: 28 يناير, 2015: 09:01 م

من صبي صغير قبل النضوج إلى رجل قوي البنية ملتحي، يتلقى كريس كايل (برادلي كوبر) درسا في الحياة من أبيه الصارم الذي يسكن في تكساس. والعالم، وفقا للأب، ينقسم إلى الخراف والذئاب وكلب الراعي، تلك النفوس النادرة التي تقوم بحماية الأبرياء من الأشرار.انها طر

من صبي صغير قبل النضوج إلى رجل قوي البنية ملتحي، يتلقى كريس كايل (برادلي كوبر) درسا في الحياة من أبيه الصارم الذي يسكن في تكساس. والعالم، وفقا للأب، ينقسم إلى الخراف والذئاب وكلب الراعي، تلك النفوس النادرة التي تقوم بحماية الأبرياء من الأشرار.
انها طريقة قاسية وصارمة للغوص في العالم، وهي الطريقة التي توجه كريس في حياته المهنية اللاحقة كقناص في البحرية الامريكية، وهي طريقة مع بعض التعديل، تفصح الكثير من عمل كلينت ايستوود، مخرج "القناص الأمريكي" المؤمن شكلا روحا بمذكرات كريس كايل الحقيقي. "القناص ألامريكي"يؤكد ايضا التزام السيد ايستوود بموضوعات الانتقام والعدالة في العالم الميؤوس منه. في عالم الافلام – العالم الذي يكون فيه وجود الشر أساسيا– يكون العنف ضرورة أخلاقية، وإن كان غالبا ما يتسبب بخسائر لأولئك الذين يضطرون لممارسة العنف في خدمة الخير.
المزايا الحياتية لهذه الفكرة قابلة للنقاش، على أقل تقدير، باعتبارها محكا اخلاقيا أو مبدأ سياسيا، لها بالتأكيد مخاطرها. ولكن الكثير من الأفلام العظيمة لأيستوود تنشأ من فرضية بسيطة حول قتال حتى الموت بين الأخيار والأشرار. وفيلم "القناص ألامريكي" ليس مثلها تماما، ولكن الكثير من قوته الكبيرة مستمدة من وضوح وصدق الادانة للعنف. فالفيلم يقترب من أفلام الغرب أكثر من كونه فلم حرب وذلك من حيث - قصة حامل السلاح الوحيد الذي يواجه خصمه في مكان منعزل ينعدم فيه القانون- وهي قصة مؤثرة وفعالة، على الرغم من انها مقلقة أيضا.
السيد كوبر يقمع طبيعته الساحرة وغير المؤذية، ولكن ليس تماما، فكريس كايل هو صديق مخلص ومحارب شجاع، ولكن السيد كوبر والسيد ايستوود ووفقا للسيناريو التي كتبها جيسون هول، يرفضان ان يجعلاه قديسا. في الكثير من المشاهد الحيوية التي لا تنسى في "القناص ألامريكي" تتوزع روح الدعابة الكوميدية المؤذية أحيانا والمستفزة ايضا والتي يستخدمها الرجال اثناء القتال لتخفيف التوتر. أما خطوبة كريس وزواجه بـ(تايا)، الشخصية التي تؤديها سيينا ميلر، فهي تضيف الى الفيلم بعض الدفء والراحة مما يظهر الوجه الآخر الخفي الذي يبرزه ايستوود في بعض مشاهد الفيلم القصيرة لإضفاء جو من الرومانسية والحياة العائلية بعيدا عن أجواء العنف التي تسود الفيلم.
وعلى الرغم من إن كريس كايل خدم في العراق لأربع جولات من الواجب، قافزا فوق 160 محاولة قتل مؤكدة، فأنه يتعامل مع عمله باعصاب هادئة بعيدا عن وخز الضمير أو الشك المميت الذي يصيب بعضا من رفاقه الذين يتأثرون بالفساد الذي يستخدمه أعدائهم. وهؤلاء الاعداء يستخدمون النساء والأطفال كانتحاريين، ويشوهون ويعذبون أي شخص يعارضهم وينصبون كمائن للمشاة البحرية الأميركية في الشارع. يساعدهم في ذلك ويتولى حمايتهم شخص هو خصم لكريس ونقيضه، وهو القناص الغامض الشرير الذي يشاع عن كونه حائزا على الميدالية الأولمبية السورية.
الندم غير وارد في قاموس كريس، لكن هذا لا يعني أن كريس لا يعاني. (وفاة السيد كايل في عام 2013، على يد زميل محارب سابق يلقي ظلالا قاتمة على الفيلم، على الرغم أن ايستوود لم يقع في فخ استخدامه كجهاز انذار.) "القناص الاميركي" يصور بدقة تأثير الخدمة العسكرية على نفسية البطل وزواجه، على الرغم من أنه يشير الى الضرر بخفة وسرعة، وهذا أيضا كجزء من تأكدي الفلم لفكرة ولاء بطله لنفسه وعمله.
أو، يمكن القول بأن التزامه هو مايحيله الى إسطورة، و"أسطورة" هو أحد الأسماء المستعارة لكريس والذي يكتسبه من اعجاب زملائه، الذين ترهبهم شجاعته ومهارته، ويشارك كلينت إيستوود بنصيب من االمبالغات في صنع الشخصية التي بالتأكيد هي في القصة الحقيقية أقل مما تظهر عليه في الفيلم مما يضيف تعديلا على التاريخ. ألهمت الهجمات الإرهابية على سفارتي الولايات المتحدة الأمريكية في عام 1998 كريس للانخراط في الجيش، وإزداد عزمه على المضي في القتال عندما شهد انهيار مركز التجارة العالمي في 11 سبتمبر 2001، وشارك في الحرب على العراق ليقاتل خصومه الذين يحددهم دائما مرارا وتكرارا بـ(تنظيم القاعدة).
سياسة حرب العراق غائبة تماما، وهذا هو بيان سياسي في حد ذاته، وعلى الرغم من عدم ذكر اسم جورج دبليو بوش فأن فيلم"القناص ألاميركي" يمكن أن ينظر إليه باعتباره تعبيرا عن الحنين إلى نهج المانوية في السياسة الخارجية. كان بإمكانه تقديم نوع من المساواة بين الحقيقة والخيال لكنه تمسك بتقليد هوليوود الغربي من تحويل الأحداث والشخصيات التاريخية المعقدة إلى أساطير وأبطال، وبعبارة أخرى، فانه صار مجرد فيلم.
 نيويورك تايمز

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق معرض العراق للكتاب

الأكثر قراءة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

مهرجان الجونة السينمائي يعلن عن مواعيد دورته الثامنة

السينما كفن كافكاوي

مقالات ذات صلة

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية
سينما

وفاة ديڤيد لينش فنان الرؤى المميّزة.. وأيقونة السينما الاميركية

متابعة المدىوديفيد كيث لينش صانع أفلام وفنان تشكيلي وموسيقي وممثل أمريكي. نال استحسانًا لأفلامه، والتي غالبًا ما تتميز بصفاتها السريالية الشبيهة بالأحلام. في مسيرة مهنية امتدت لأكثر من خمسين عامًا، حصل على العديد من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram