"رأس المال جبان" قول يتردد بين رجال الأعمال وخبراء الاقتصاد ، وعلى الرغم من إعلان الحكومة عبر تصريحات المسؤولين دعوتها و رغبتها في تشجيع المستثمرين العرب والأجانب والعراقيين المقيمين في دول خارجية على تنفيذ مشاريعهم في المحافظات العراقية لم تجد الدعوة استجابة ملحوظة ، وعقدت مؤتمرات في بغداد وعواصم عربية لبيان حقيقة ان العراق أفضل بيئة للاستثمار في المنطقة ، لكن أصحاب" المال الجبان" لهم حساباتهم ومجساتهم الخاصة لوضع الدينار او الدولار في المكان الصحيح الخالي من مظاهر الاضطرابات الأمنية والسياسية والبعيد جدا عن نفوذ الجماعات المسلحة الخارجة على القانون ، والوقع العراقي لا تتوفر فيه مثل هذه الشروط ، ففقد العراقيون فرص الحصول على العمل وتنفيذ مشاريع عملاقة توفر لهم خدمات الماء والكهرباء وشبكات الصرف الصحي ، وإنشاء المجمعات السكنية.
بعد الغزو الأميركي زار رجال أعمال عراقيون مقيمون في دولة الإمارات مدينتهم الناصرية للقاء مسؤولين محليين بهدف إنشاء مشاريع تخدم ابناء مدينتهم ، وبعد عقد اول اجتماع غادر الضيوف المحافظة وعادوا الى مكان إقامتهم ،واحدهم اكد في تصريح صحفي نشرته جريدة الخليج الإماراتية صعوبة تنفيذ مشاريع استثمارية في العراق لأسباب تتعلق بضرورة دفع رشى لمسؤولين محليين ، والاستعانة بفوج مشاة او كتيبة مدرعة لحماية المستثمر من دفع إتاوات لقادة فصائل مسلحة يبتزون صاحب المشروع بمزاعم توفير حماية أمنه الشخصي من اعتداءات محتملة تنفذها جماعات مسلحة اخرى .
ملف الاستثمار العراقي وبحسب خبراء اقتصاديين معقد وشائك ، وهو بحاجة الى المزيد من التشريعات والقرارات ، بعضها يقع ضمن صلاحيات مجلس النواب ، والاخر ضمن مسؤولية السلطة التنفيذية ، وخاصة الأجهزة الأمنية لحماية رجال الأعمال من "بلطجية الاستثمار" وهؤلاء يدعون انهم من عناصر فصائل تعمل تحت اشراف القوات المسلحة بهدف ضبط الأمن في جميع مناطق العاصمة بغداد والمحافظات ، وتوفير الحماية لمنتسبي دوائر الكهرباء والبلدية ، لانجاز أعمالهم خدمة للمواطنين ، والمشاريع الخاصة بمد أنابيب المجاري وتبليط الطرق تقع ايضا لإشرافهم بمعنى آخر نفوذهم ومن هذه " الدربونة" يحصل البلطجية على الرزق الحلال بموافقة المقاول منفذ المشروع .
قبل مقاول على عقد من بلدية الرشيد لإنشاء مدينة العاب في احد أحياء الكرخ في موقع لكثرة إهماله تحول الى مكب للنفيات ، وأثناء قدوم منفذ المشروع وفريقه الاستطلاعي للمباشرة بالعمل ، اعترضه أشخاص ادعوا أحقيتهم بقطعة الارض من دون تقديم وثائق وسندات رسمية أصولية ، وباتصال هاتفي واحد تجمع العشرات من عشيرة المقاول ، وانتهى المشهد بطرد "البلطجية " تحت تهديد السلاح ، ولا احد بإمكانه التكهن بما تحمله الايام المقبلة ، حين يبدأ العمل بتنفيذ المشروع ، هذا المشهد واحد مسلسل طويل إبطاله بلطجية الاستثمار ، لا يقتصر نشاطهم في بغداد وانما يمتد الى بقية المدن الاخرى ، وفوق هذا وذاك يقال ان العراق افضل بيئة استثمارية في المنطقة.
"بلطجية" الاستثمار
[post-views]
نشر في: 28 يناير, 2015: 09:01 م