TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > "بلطجية" الاستثمار

"بلطجية" الاستثمار

نشر في: 28 يناير, 2015: 09:01 م

"رأس المال جبان" قول يتردد بين رجال الأعمال وخبراء الاقتصاد ، وعلى الرغم من إعلان الحكومة عبر تصريحات المسؤولين دعوتها و رغبتها في تشجيع المستثمرين العرب والأجانب والعراقيين المقيمين في دول خارجية على تنفيذ مشاريعهم في المحافظات العراقية لم تجد الدعوة استجابة ملحوظة ، وعقدت مؤتمرات في بغداد وعواصم عربية لبيان حقيقة ان العراق أفضل بيئة للاستثمار في المنطقة ، لكن أصحاب" المال الجبان" لهم حساباتهم ومجساتهم الخاصة لوضع الدينار او الدولار في المكان الصحيح الخالي من مظاهر الاضطرابات الأمنية والسياسية والبعيد جدا عن نفوذ الجماعات المسلحة الخارجة على القانون ، والوقع العراقي لا تتوفر فيه مثل هذه الشروط ، ففقد العراقيون فرص الحصول على العمل وتنفيذ مشاريع عملاقة توفر لهم خدمات الماء والكهرباء وشبكات الصرف الصحي ، وإنشاء المجمعات السكنية.
بعد الغزو الأميركي زار رجال أعمال عراقيون مقيمون في دولة الإمارات مدينتهم الناصرية للقاء مسؤولين محليين بهدف إنشاء مشاريع تخدم ابناء مدينتهم ، وبعد عقد اول اجتماع غادر الضيوف المحافظة وعادوا الى مكان إقامتهم ،واحدهم اكد في تصريح صحفي نشرته جريدة الخليج الإماراتية صعوبة تنفيذ مشاريع استثمارية في العراق لأسباب تتعلق بضرورة دفع رشى لمسؤولين محليين ، والاستعانة بفوج مشاة او كتيبة مدرعة لحماية المستثمر من دفع إتاوات لقادة فصائل مسلحة يبتزون صاحب المشروع بمزاعم توفير حماية أمنه الشخصي من اعتداءات محتملة تنفذها جماعات مسلحة اخرى .
ملف الاستثمار العراقي وبحسب خبراء اقتصاديين معقد وشائك ، وهو بحاجة الى المزيد من التشريعات والقرارات ، بعضها يقع ضمن صلاحيات مجلس النواب ، والاخر ضمن مسؤولية السلطة التنفيذية ، وخاصة الأجهزة الأمنية لحماية رجال الأعمال من "بلطجية الاستثمار" وهؤلاء يدعون انهم من عناصر فصائل تعمل تحت اشراف القوات المسلحة بهدف ضبط الأمن في جميع مناطق العاصمة بغداد والمحافظات ، وتوفير الحماية لمنتسبي دوائر الكهرباء والبلدية ، لانجاز أعمالهم خدمة للمواطنين ، والمشاريع الخاصة بمد أنابيب المجاري وتبليط الطرق تقع ايضا لإشرافهم بمعنى آخر نفوذهم ومن هذه " الدربونة" يحصل البلطجية على الرزق الحلال بموافقة المقاول منفذ المشروع .
قبل مقاول على عقد من بلدية الرشيد لإنشاء مدينة العاب في احد أحياء الكرخ في موقع لكثرة إهماله تحول الى مكب للنفيات ، وأثناء قدوم منفذ المشروع وفريقه الاستطلاعي للمباشرة بالعمل ، اعترضه أشخاص ادعوا أحقيتهم بقطعة الارض من دون تقديم وثائق وسندات رسمية أصولية ، وباتصال هاتفي واحد تجمع العشرات من عشيرة المقاول ، وانتهى المشهد بطرد "البلطجية " تحت تهديد السلاح ، ولا احد بإمكانه التكهن بما تحمله الايام المقبلة ، حين يبدأ العمل بتنفيذ المشروع ، هذا المشهد واحد مسلسل طويل إبطاله بلطجية الاستثمار ، لا يقتصر نشاطهم في بغداد وانما يمتد الى بقية المدن الاخرى ، وفوق هذا وذاك يقال ان العراق افضل بيئة استثمارية في المنطقة.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق منارات

الأكثر قراءة

العمود الثامن: يزن سميث وأعوانه

العمود الثامن: "علي بابا" يطالبنا بالتقشف !!

سافايا الأميركي مقابل ريان الإيراني

فـي حضـرة الـتـّكـريــم

العمود الثامن: موجات الجزائري المرتدة

العمود الثامن: بلاد الشعارات وبلدان السعادة

 علي حسين نحن بلاد نُحكم بالخطابات والشعارات، وبيانات الانسداد، يصدح المسؤول بصوته ليخفي فشله وعجزه عن إدارة شؤون الناس.. كل مسؤول يختار طبقة صوتية خاصة به، ليخفي معها سنوات من العجز عن مواجهة...
علي حسين

قناطر: شجاعةُ الحسين أم حكمةُ الحسن ؟

طالب عبد العزيز اختفى أنموذجُ الامام الحسن بن علي في السردية الاسلامية المعتدلة طويلاً، وقلّما أُسْتحضرَ أنموذجه المسالم؛ في الخطب الدينية، والمجالس الحسينية، بخاصة، ذات الطبيعة الثورية، ولم تدرس بنودُ الاتفاقية(صُلح الحسن) التي عقدها...
طالب عبد العزيز

العراق.. السلطة تصفي الحق العام في التعليم المدرسي

أحمد حسن المدرسة الحكومية في أي مجتمع تعد أحد أعمدة تكوين المواطنة وإثبات وجود الدولة نفسها، وتتجاوز في أهميتها الجيش ، لأنها الحاضنة التي يتكون فيها الفرد خارج روابط الدم، ويتعلم الانتماء إلى جماعة...
أحمد حسن

فيلسوف يُشَخِّص مصدر الخلل

ابراهيم البليهي نبَّه الفيلسوف البريطاني الشهير إدموند بيرك إلى أنه من السهل ضياع الحقيقة وسيطرة الفكرة المغلوطة بعاملين: العامل الأول إثارة الخوف لجعل الكل يستجيبون للجهالة فرارًا مما جرى التخويف منه واندفاعا في اتجاه...
ابراهيم البليهي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram