يوم كان التلفزيون العراقي بالأسود والأبيض وبقناة واحدة يبدأ بثها من السادسة مساء الى الثانية عشرة ، تحتفظ ذاكرة الجيل القديم من المشاهدين بذكريات عن برنامج " صندوق السعادة " لمعده ومقدمه الفنان الراحل فخري الزبيدي ، كان البث يقتصر على العاصمة بغداد ، ولا يصل الى ابعد من حدودها ، فسكان المدن المحيطة بالعاصمة كانوا محرومين من التقاط البث ولم يسعفهم وضع هوائيات فوق سطوح منازلهم بارتفاعات عالية لمتابعة برنامج الرياضة في أسبوع وأفلام السهرة المصرية.
صندوق السعادة برنامج مسابقات لا يخضع لأية شروط ، وبإمكان اي شخص المشاركة عبر اتصال هاتفي او التوجه الى الصالحية لتقديم طلبه الى استعلامات محطة تلفزيون بغداد ، ويتم استدعاء المشاركين قبل يوم من بث البرنامج بإعلان يظهر على الشاشة ، وأسئلة البرنامج أسهل من اليخني ، وحين تكون الإجابة صحيحة ينطلق تصفيق الحاضرين ، ويعلن الراحل الزبيدي حصول المتسابق على جائزة بطانية من معمل فتاح باشا ، وغالبا ما يخرج المتسابقون حاملين جوائز من منتجات القطاع الخاص وقتذاك شربت الجميلي ، وعلبة بسكولاتة ، وحجلة طفل خشبية من صناعة ورشة الاسطة ، النجار حسن الكرخي في منطقة الجعيفر .
للراحل الزبيدي الدور المباشر في نجاح البرنامج فأثناء فقراته كان يطلق النكات والطرف ويحرص بكل الوسائل المتاحة على منح المتسابق فرصة للإجابة حتى على سؤال بايخ ويشاركه فرحته في الحصول على الجائزة من صندوق السعادة فيعود الى منزله ليستقبله أبناء المحلة مع إبداء إعجابهم بثقافته الواسعة ، لإجابته على سؤال فلسفي خطير ، وظهوره على الشاشة كأي بطل فلم مصري لا يقل شأنا عن فريد شوقي وتوفيق الدقن ومحمود المليجي.
غاب صندوق السعادة مع سنوات الاسترخاء والاستقرار السياسي النسبي ، وحين شهدت البلاد ملاحم وفتن الصراع والتنافس على السلطة ، ووصل البث التلفزيوني الى البصرة جنوبا ودهوك شمالا نتيجة استخدام تقنيات الاتصالات والإرسال الحديثة ، شارك العراقيون جميعهم وبلا استثناء في برنامج جديد حمل عنوان "صندوق التعاسة ".
البرنامج الجديد صندوق التعاسة تبثه فضائيات عراقية تابعة لأحزاب وقوى سياسية ، وبعضها لشخصيات عراقية مقيمة في الخارج حصلوا على تمويل من دول إقليمية لتكريس الانقسام المجتمعي ، وإثارة النعرات الطائفية ، وتسليط الضوء على البشاعة العراقية من زاوية واحدة بذريعة كشف الحقائق ،من دون الإشارة الى أسبابها والجهات الرسمية او السياسية المتورطة بإشاعة البشاعة في العراق بصورها التعسة منذ الغزو الأميركي وحتى ما بعد إعلان دولة الخلافة.
مئات الصحف والفضائيات ووكالات الأنباء والمواقع الالكترونية تبث على مدار الساعة أخبارا وتقارير تنقل أحداث ملاحقة الجماعات الإرهابية ، وتجاهلت طرح سؤال للجمهور، من هو المسؤول عن حصول النكبة العراقية؟ ليحصل صاحب الجواب الصحيح على جائزة برنامج صندوق التعاسة تنكة دبس (AA )من مصانع تعليب كربلاء المعطلة عن العمل ، لفتح الأسواق العراقية أمام الدبس الإيراني .
صندوق السعادة
[post-views]
نشر في: 30 يناير, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 2
ام رشا
أستاذ علاء..الأستاذ فخري الزبيدي شخصية رائعة وجذابة رجل مثقف وإنيق بالإضافة إلى انه عاشق لبغداد لتاريخها وتراثها ومحلاتها وشخصياتها رحمة الله عليه ،اشتركت في برنامج صندوق السعادة وربحت ساعة نيفاذا و كان ذلك وانا صبية و لم يدور في ذهني ان صندوقا للتعاسة س
ام رشا
أستاذ علاء..الأستاذ فخري الزبيدي شخصية رائعة وجذابة رجل مثقف وإنيق بالإضافة إلى انه عاشق لبغداد لتاريخها وتراثها ومحلاتها وشخصياتها رحمة الله عليه ،اشتركت في برنامج صندوق السعادة وربحت ساعة نيفاذا و كان ذلك وانا صبية و لم يدور في ذهني ان صندوقا للتعاسة س