عندما يقرّر البعض أن يُبيح لنفسه قتل الناس على الشبهة، وعندما تزول حرمة الحياة والوطن فأية حرمات تتبقى؟ لذلك يتحوّل كل شيء يتحول إلى عبث وعجز.. وأتمنى ألّا يسخر مني البعض ويقول مالك صدّعت رؤوسنا بمصطلحات العبث والتفكيكية والسريالية، بينما نحن نعيش عبثاً من نوع لم يخطر على بال حتى مؤلف الاطروحة الفنطازية مع الاعتذار للكبير علي الشوك، الذي فاجأنا بأطروحته هذه في منتصف السبعينيات من خلال كتاب غريب الشكل والموضوع، عندما تتنقل العبوات المفخخة بحريّة في الأسواق لتخطف أرواح الأبرياء، كيف سينظر الناس إلى قولك إن الادخار سينقذ هذه البلاد من ازمتها المالية، اتمنى ان لاتمسح من الذاكرة السنوات الفنطازية الأخيرة حيث اهدر اكثر من 600 مليار دولار في مشاريع " فضائية "؟ عندما يعتقد البعض ان مكتب القائد العام للقوات المسلحة يمكن ان يعود بثوب جديد، فانه حتما يعاني من قصور في النظر، عندما لايرى كيف تحولت البلاد بفضل الخطط الامنية التي وضعها " جهابذة المكتب إلى غابة من الجثث،، وبدلاً من أن يخجل البعض ويتواروا عن الأنظار، نجدهم يتسابقون على الفضائيات، واحد يشتم اميركا واخر يندد بالتحالف الدولي وثالث يقول نحن اصحاب السيادة.
هل تريدون عبثاً أكثر من هذا؟ أقرأوا ما نشرته صحيفة الواشنطن بوست عن تحطيم أقفال المحبة التي وضعها شباب على جسر يربط بين ضفتي العشار، من قبل جماعات مسلحة، وأتمنى عليكم ان لا تتهمونني بالعبث وانا انقل ما صرح به صاحب المبادرة، حيث قال للصحيفة الاميركية انه فتح مظروفا دُس من تحت باب المنزل ليقرأ فيه "ننصحكم بالابتعاد عن ذلك الجسر، فقد يكون فيه خطر عليكم". وكانت في المظروف رصاصة،، هكذا اكتشف البعض من ساستنا الاشاوس أن خراب البصرة سببه هذه الاقفال اللعينة، اما الخراب الذي يعم أغنى مدن العراق وضياع الثروات وحالة البؤس، وتهجير عدد كبير من العوائل، فهذه قضية تدخل في باب الاطروحة الفنطازية، التي اتمنى ان لا يعتبرها البعض من الموبقات ويقرر مصادرة الكتاب!.
هل تريدون مزيدا من العبث؟ أتمنى عليكم متابعة التقارير التي نشرت عن انتهاكات ضد حقوق الانسان جرت في ديالى، وعن عمليات قتل ارتكبت، وبالتأكيد انتم مثلي تابعتم ما دار من جدل بين الأطراف السياسية، خلاصته ان الجميع يتهم، والجميع يبرر، واذا سألني احد عن رأيي فانا ايضا اعتقد ان هناك جرائم ارتكبت، وان شعار لا مكان لكم، اصبح هو المفضل لدى العديد من الفصائل السياسية.
بالتأكيد هناك أصوات تستنكر وأخرى تشجب.. ولكن علينا أن لا ننسى لحظة واحدة أننا نعيش وسط عقليات ظلامية تسعد وتفرح في مطاردة الآخرين.. لا يهم مَن اصدر اوامر القتل على الهوية ومن قرر منع المحبة على جسور البصرة؟ ولكن الأهم.. أن مشاعر من الكراهية تضخمت عند البعض.
تعلمنا تجارب الشعوب أن معارك الكراهية تنتصر مؤقتاً، فالفوز الدائم لأهل التسامح والمحبة والطمأنينة.. كم عقداً دام التمييز العنصري في جنوب أفريقيا، وفي النهاية كان الفوز لمانديلا.!
فيـا مَن تمارس فرض آرائك بقوة السلاح، عليك أن تعرف أنك لست وحدك في هذا البلد، هذا وطن من يؤمنون به، بتنوعه وتعدده، والمواطنة فيه ليست مِنَحاً توزَّع حسب الهوية، هذا وطن سيحتضِر لو أُلغي فيه حق الآخر بالعيش بأمان ومساواة، وبجسور ترفرف عليها طيور الحب ويقرا شبابها اطروحة علي الشوك.
الأطروحة الفنطازية في البصرة وديالى
[post-views]
نشر في: 31 يناير, 2015: 09:01 م
جميع التعليقات 2
مواطن عراقي
انا مع يا استاذ علي بكل ما كتبت ان ما جرى ويجري ويستمر بالحدوث له هدف واحد وهو افراغ البلد من مثقفيه وترك فيه غربان الظلام، فلولا عمليات الاغتيال الممنهجة منذ يوم الاحتلال للكوادر المثقفة والمفخخات التي طالت كل مدن العراق( العربية)ماسكت الشعب عن فقدان ثل
مواطن عراقي
انا مع يا استاذ علي بكل ما كتبت ان ما جرى ويجري ويستمر بالحدوث له هدف واحد وهو افراغ البلد من مثقفيه وترك فيه غربان الظلام، فلولا عمليات الاغتيال الممنهجة منذ يوم الاحتلال للكوادر المثقفة والمفخخات التي طالت كل مدن العراق( العربية)ماسكت الشعب عن فقدان ثل