اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > مسرح > الهامش والمسكوت عنه في مسرحية (هـ .. ا .. مـ.. ش)

الهامش والمسكوت عنه في مسرحية (هـ .. ا .. مـ.. ش)

نشر في: 2 فبراير, 2015: 09:01 م

حين تستوقفنا بعض العروض المسرحية المعاصرة ، تلك العروض التي تداخلت في تكويناتها المزايا الفنية لبعض التقانات الحديثة في المرئيات وآليات المشاهدة (الحاسوباتية) ، فإن ذلك يضعنا أمام مواجهة صريحة مع الاداءات المقامة على خشبة المسرح بكافة أنواع العرض ومس

حين تستوقفنا بعض العروض المسرحية المعاصرة ، تلك العروض التي تداخلت في تكويناتها المزايا الفنية لبعض التقانات الحديثة في المرئيات وآليات المشاهدة (الحاسوباتية) ، فإن ذلك يضعنا أمام مواجهة صريحة مع الاداءات المقامة على خشبة المسرح بكافة أنواع العرض ومستوياته المعروفة ، وما شاهدناه في العرض الذي قدم على خشبة قاعة كلية الفنون الجميلة في بابل منتصف شهر تشرين الثاني والمعنون (هـ.. ا.. مـ.. ش ) ، وهو من فكرة وإخراج الدكتورة زينة كفاح الشبيبي وتمثيل الفنان حسين الدرويش الذي لعب دور (المايم) لوحده في العرض ..
وقبل الدخول الى تفاصيل العرض ، لا بد من الوقوف عند مفهوم (المايم) ، حيث تشير بعض المصادر الى انه يعتمد على الإيهام في الحركة كـ(المشي والركض) وايضا يعتمد (الاكسسوار او قطعة ديكور او سلالم ، او ما الى ذلك ) ، وان (المايم) يتضمن في موضوعاته الجوانب (الجسدية والذاتية والموضوعية وأمكنة الشوارع وخيال الظل) ، وايضا على الاشتغال التقني في الأسلوب حيث (التحريف النسبي لأبعاد الحركة والمكان ) والطابع القصدي في عملية التأثر والأخذ بنظر الاعتبار عنصر (التجريد النسبي) ، وهذا ما يعطي سمة بارزة للعرض لأن يأخذ شكله الواضح والمناسب من خلال العنونة والعمل عليها ..
ككل ، كان العرض مثيراً في بدايته عندما نصبت ثلاث (شاشات / داتاشو)، شاهدنا عبرها مناظر للكرة الأرضية وتكوينها الخارجي بطريقة جغرافية ، ثم جاءت بعدها جزئيات اخرى لتفاصيل الأرض كـ( الصحراء .. البحار .. الجبال.. المحيطات .. المنحدرات ) ، ثم الجزئيات الأصغر (زهور .. نساء ورجال .. عسكر نمل في الصحراء ) ، وايضاً الكشف عن الطقوس والمراسيم الدينية ، حيث الأقدام السائرة للمراسيم الحسينية ، ثم أحداث العنف والتفجيرات للمراقد الدينية وبعض الكنائس ، تخللتها بعض المناظر الكاشفة عن (خراب الكراسي) وهي معطلة ، وأطفال حروب ، تناظرها بعض المشاهد لعوالم (العالم الاول) وهو يعد الصواريخ والمكوكات الفضائية ، وما الى ذلك ..
ومع التركيبات التقنية (الحاسوباتية) يظهر وجه الفنان حسين الدرويش وهو مركب على جسد (عنكبوت) مظهرا بعض الحركات المعدة للخروج من حدود الشاشة الى واقع الخشبة ومواجهة الجمهور والبدء بحركات إيمائية مجسدة ..
بعد الظهور الواضح للفنان حسين الدرويش على خشبة المسرح بشكله الجسدي ، فقد أعطى فعلاً مهارياً بعض الشيء عن التقانات المرئية للشاشات الثلاثة ، وهذا ما أبان ان العرض اخذ اكثر من وحدة فنية في طريقة عرضه ، حيث استسلم هذا الفنان الى حركاته الجسدية الخاصة بانفرادية الأداء ، بعيداً عن التداخل التقني (الداتاشو) ليكمل فكرة العرض ويجسد من خلال مهارته فكرة العمل ، وكيف ان العالم برمته مقيد بهيمنة الصراعات العسكراتية او الاقتحامات الكولنيالية التي أسهمت بخلخلة النظام الوجودي للانسان او إثارة المسكوت عنه ..
كما ان فكرة الهامش التي اعتمدتها (د.زينة كفاح الشبيبي ) من خلال فكرتها في جمع المعلومات الوافية لعملها والطريقة الإخراجية الحية والمعاصرة في زمننا هذا ، وهي احدى روافد فنون ما بعد الحداثة ، حيث كل حوادث الاضطراب وشواهد القبح وكل آليات القمع التي نشهدها نحن ويشهدها العالم هي إثارة الهامش والمضمر والمسكوت عنه ، وهذا ما تطلب ان نقرأ الأشياء باشكال جديدة ، بعيدا عن ترف اللّغة ورؤية ما حولنا بإيقاعات مألوفة ، بل كل أطر الأشكال الثابتة تتهدم ، او كما يقول (فوكوياما) عن هذه الحالة ، بأنها نهاية الانسان ككائن اجتماعي ، لهذا صارت المجتمعات تعيش عصراً تحكتره آليات غير مألوفة غيرت مسار التاريخ..
ساهم في هذا العمل ايضاً في اختيار المونتاج الموسيقي (علي فؤاد) والتنفيذ (حسين الراوي) وتصميم وتنفيذ الاضاءة (د.نورس محمد غازي) ومساعد الاضاءة (علي زهير المطيري) وانميشن ومونتاج المادة القلمية (مصطفى رزاق كاظم ) وتنفيذ (ياسر الأعسم وعلي فلاح) ومسؤولية المادة الإعلامية (د.عامر صباح المرزوك) والعمل مهدى الى روح الشاب الفنان (علي سامي العامري ) .وهو من تقديم مديرية وشباب بابل بالتعاون مع كلية الفنون الجميلة في بابل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته
مسرح

مسرحية رائحة حرب.. كايوسية التضاد بين الحرب ورائحته

فاتن حسين ناجي بين المسرح الوطني العراقي ومهرجان الهيئة العربية للمسرح في تونس ومسرح القاهرة التجريبي يجوب معاً مثال غازي مؤلفاً وعماد محمد مخرجاً ليقدموا صورة للحروب وماتضمره من تضادات وكايوسية تخلق أنساق الفوضوية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram