TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > انسحاب دبلوماسي بامتياز

انسحاب دبلوماسي بامتياز

نشر في: 3 فبراير, 2015: 09:01 م

عند سحب تنظيم خليجي 21 من البصرة الى المنامة عام 2013 اتجهت كل الاصوات في حينها نحو تأويل الاسباب ورميها في خانة التآمر والنية المبيتة من قبل الاتحادات الخليجية في عدم منح فرصة اقامة الدورة في العراق وكانت أشد التصريحات تخرج من وزارة الشباب والرياضة في حينها حينما أكد الوزير السابق على ان كل المنشآت الرياضية في البصرة ستكون جاهزة لتضييف الحدث قبل موعد انطلاقه بأشهر عدة مع التأكيد ان الرهان ستكسبه الوزارة عندما تفتح الملعب الرئيس في المدينة الرياضية قبل ان تنطلق الدورة في البحرين مع اطلاق اشارات بنيّة العراق الانسحاب رداً على قرار حرمان البصرة شرف التنظيم.
إلا ان تلك الضجة مرّت بهدوء حينما انطلقت الدورة في البحرين وشارك العراق فيها والملعب الرئيس في البصرة لم يكتمل بناؤه! وتناسى المعترضون والمشككون تصريحاتهم النارية من دون ان يثار تساؤل يوجّه اليهم عن اسباب عدم وفائهم بالوعود واين ذهبت تبريراتهم التي رمت بالكرة في ملعب الاتحادات الخليجية لتخلي مسؤوليتها من التقصير في اكمال المنشآت الرياضية وما يتطلبه تضييف دورة على مستوى الخليج.
وبعد نحو سنتين استمر السيناريو الغريب عندما وجدت لجان التفتيش الخليجية ان المنشآت الرياضية في البصرة لازالت غير جاهزة لتضييف خليجي 22 مما يتطلب نقل التنظيم الى المملكة العربية السعودية وتكررت حالة التذمّر وخرجت التصريحات الثائرة واتهمت اللجنة بانها تتقصد في حرمان البصرة من تضييف الدورة وان المنشآت الرياضية في البصرة جاهزة ومكتملة وهددت الوزارة بانسحاب العراق من الدورة ايضا مع التأكيد على ان الملعب سيتم افتتاحه لدحض كل التبريرات ، وسيشهد حفل الافتتاح حضور أحد المنتخبات أو الاندية العالمية .
وبالفعل افتتح الملعب الرئيس في المدينة الرياضية قبل انطلاق خليجي الرياض، لكن الأمر تمّ على عجالة مفبركة تبخرت معها وعود ان تحضر منتخبات أو اندية عالمية واقتصرت على مباراتين لناديين عربيين جاءا بالصف الثاني للاعبيهما.. وفرض الاتحاد الدولي على إثرها غرامة مالية على الاتحاد العراقي والناديين اللذين اسهما في افتتاح الملعب تحملتها وزارة الشباب والرياضة.. لتغلق بعدها ابواب الملعب ويرقد في سبات عميق!
سؤال طُرح في حينه ولم نجد أي جواب يمكن ان يبرر الاصرار على افتتاح الملعب والادعاء بقدرة العراق على تضييف الدورة برغم إن الجميع على قناعة بأن الجاهزية لا تعني وجود ملعب واحد وانما منشآت متكاملة وفنادق تستوعب الجماهير ومرافق اخرى وتحضيرات أمنية على الارض ومدينة ترتدي ثوب العروس من وسائل مواصلات واماكن ترفيه وساحات واسواق تكون واجهة حضارية ترسل رسائل سلام ورقي الى دول المنطقة !
كل ما ذكرناه لم يكن حاضراً على ارض الواقع واستخدمت الضجة في حينها كغطاء على فشل انجاز المدينة الرياضية وتلكؤ وعشوائية التحضير للمتطلبات الرئيسة الأخرى، ويشارك العراق في خليجي 22 ويختفي من جديد كل المقصرين في اهتزاز موقف العراق من مسألة جاهزيته من تنظيم الاحداث الرياضية!
لقد كان بيان وزارة الشباب والرياضية في سحب تضييف البصرة لخليجي 23 على مستوى عالٍ من المسؤولية المهنية والجريئة ودرسٍ واقعي في انتهاج طريق المصارحة والدبلوماسية لحفظ هيبة ومكانة العراق دون اللجوء الى اساليب الاثارة الاعلامية والابتعاد عن حقيقة الامكانات من اجل التنصّل عن الفشل في الادارة وانجاز الاعمال الموكلة اليهم ورميها على الآخرين .
ربما أن قرار الانسحاب سبّب ألماً عند الجماهير الكروية ، لكنه في ذات الوقت أزاح الكثير من الضبابية والغموض عن حقيقة ما يجري ، ووجّه ضربة استباقية لكل من صرح سراً او علناً برغبته في ان تكون الكويت هي صاحبة الضيافة للبطولة القادمة وإن التخلي بإرادتنا عن حق التضييف جاء عن ادراك عالٍ وحرص من اجل ان تحظى البصرة بزمن اطول تتزين بأجمل حُلة وتكون في أوج تألقها وملاعبها محررة من قيود الحظر الدولي لتكتب على ارضها بحروف من ذهب قدرتها على تنظيم اروع دورة على الاطلاق بالقول والفعل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

هل ستعيد التشكيلة الوزارية الجديدة بناء التعليم العالي في العراق؟

العمود الثامن: ماذا يريدون؟

العمود الثامن: من كاكا عصمت إلى كاكا برهم

لماذا نحتاج الى معارض الكتاب في زمن الذكاء الاصطناعي؟

العمود الثامن: عبد الوهاب الساعدي.. حكاية عراقية

العمود الثامن: معركة كرسي رئيس الوزراء!!

 علي حسين عزيزي القارئ.. هل تعرف الفرق بين المصيبة والكارثة؟، المصيبة يمكن أن تجدها في تصريح السياسيين العراقيين وجميعهم يتحدثون عن دولة المؤسسات، وفي الوقت نفسه يسعون إلى تقاسم المؤسسات فيما بينهم تحت...
علي حسين

أزمة المياه في العراق وإيران: تحديات جديدة للاستقرار الإقليمي

د. فالح الحمــراني حذرت دراسة أعدها معهد الشرق الأوسط في موسكو من ان أزمة المياه بإيران والعراق المتوقعة في نهاية هذا العام قد تفضي الى عواقب بعيدة المدى، تؤثر على الاستقرار الاجتماعي في المنطقة،...
د. فالح الحمراني

العراق.. السلطة تنهب الطقس والذاكرة

أحمد حسن على مدار عشرين عاما، تحولت الثقافة في العراق إلى واجهة شكلية تتحكم بها مجموعات سياسية تدير المجال العام كما تدير المغانم. وفي ظل هذه الوضعية لم تعد الثقافة فضاء لإنتاج الوعي أو...
أحمد حسن

لماذا تهاجم الولايات المتحدة أوروبا بسبب حرية التعبير؟

فابيان جانيك شيربونيل * ترجمة : عدوية الهلالي «أعتقد أنهم ضعفاء. الأوروبيون يريدون أن يكونوا ملتزمين بالصواب السياسي لدرجة أنهم لا يعرفون ماذا يفعلون." لفهم الموقف الأمريكي تجاه القارة العجوز، يصعب إيجاد تفسير أوضح...
فابيان جانيك شيربونيل
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram