TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > أين اختفت هذه المليارات؟

أين اختفت هذه المليارات؟

نشر في: 3 فبراير, 2015: 09:01 م

قانون الموازنة العامة الاتحادية للسنة المالية الحالية الذي شرّعه مجلس النواب منذ أيام لم ترد فيه أية إشارة إلى ما يُفترض انه مصدر مالي مهم لسد العجز في هذه الموازنة، ولم يبيّن المجلس ولا لجنته المختصة (المالية) أي سبب لتغييب مثل هذه الإشارة.
جاء في القانون ان إجمالي العجز المخطط لهذه الموازنة بلغ خمسة وعشرين ألفاً وأربعمائة وواحد مليار ومئتين وخمسة وثلاثين مليونا وسبعمائة وثلاثة وثمانين ألف دينار(حوالي 21 مليار دولار أميركي)، وانه سيُغطى "من الاقتراض الداخلي والخارجي ومن المبالغ النقدية المدوّرة في حساب وزارة المالية الاتحادية ونسبة من الوفر المتوقع من زيادة أسعار بيع النفط الخام المصدّر أو زيادة صادرات النفط الخام". وأوضح الجدول المرفق أن الأرصدة المدورة من العام الماضي (2014) تبلغ ثلاثة تريليونات دينار، أي حوالي مليارين ونصف المليار دولار أميركي.
قبل التوقف عند هذه النقطة لابدّ من الإشارة الى ان مجلس النواب بتشريعه قانون الموازنة إنما قام بعمل فاقد الشرعية لأن الإجراءات الخاصة بإعداد الموازنة وتقديمها إلى البرلمان كانت غير دستورية.. كيف؟
المادة 62 (أولاً) من الدستور تنص على أن "يُقدّم مجلس الوزراء مشروع قانون الموازنة العامة والحساب الختامي إلى مجلس النواب لإقراره".. الحكومة الحالية قدّمت الى مجلس النواب مشروع قانون الموازنة من دون الحساب الختامي للسنة الماضية، وهذه ليست المرة الأولى التي يحصل فيها هذا الخرق الدستوري.. الحكومات السابقة جعلت منه تقليداً راسخاً وقاعدة صلدة .. كل موازنات السنين الماضية قُدّمت من دون حسابات ختامية. هذا الإجراء الذي سكتت عنه مجالس النواب السابقة بل تواطأت فيه مع الحكومات، كان دافعاً وسبباً لتفشي ظاهرة الفساد المالي والإداري على نحو رهيب ومخيف في الدولة، فالمال السائب يعلّم السرقة دائماً وأبداً.
في كل سنة من السنين الماضية كانت تُنشر معلومات تفيد بان الأغلبية من المحافظات والوزارات والمؤسسات لم تستطع، لأسباب مختلفة، إنفاق كامل موازناتها الاستثمارية. وبالطبع فان الأموال غير المُنفقة يتعيّن أن تُدوّر وتُعاد إلى الخزينة العامة، وهذا ما لا يمكن معرفة تفاصيله إلا من خلال الحسابات الختامية.
المُفترض ان عشرات مليارات الدولارات ظلّت تُدوّر من سنة إلى أخرى.. لكن السؤال: أين هذه الأموال؟ ما مصيرها؟ أين ذهبت؟ من تصرّف بها؟ وكيف تصرّف بها؟.. لا جواب أبداً على أي من هذه الأسئلة.
لماذا لم تُنجز الحسابات الختامية للسنوات الماضية؟.. السبب لا يرجع الى نقص أو ضعف أو قصور في جهاز الدولة البيروقراطي المترهل.. انه يكمن في ان الفاسدين والمُفسدين في الحكومات المتعاقبة لم يرغبوا في إنجاز هذه الحسابات، لأن ذلك بكل بساطة يكشف سرقاتهم المهولة من مالنا العام الذي تُرِك لهم سائباً من دون حسيب أو رقيب.
واحد من الاختبارات الرئيسة المطلوب من الحكومة الحالية اجتيازها بنجاح، الكشف عن مصير عشرات المليارات تلك... إنها قادرة على حل الأزمة المالية الحالية وعلى تحقيق خطة تنمية كبرى ما لم تطلها من جديد أيدي الحرامية.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 4

  1. ام رشا

    الأستاذ الفاضل الفاسدون والمفسدون في الحكومات المتعاقبة انتخبهم الشعب المسكين لمرتين أو ثلاث وامنهم على أرضه وماله وعياله واستبيح الجميع ولن تعود ثقة الشعب المسكين بهؤلاء الا اذا عادت الامانات إلى أهلها وعوقب المسيؤون.

  2. ابو سجاد

    بدايتا يااستاذي العزيز عليك ان تنسى ان هناك مليارات قد تم سرقتها بحكومتي الفشل ومن سبقه ومن الممكن ان تعود كون هذه اصبحت من الماضي ولااحد يستطسع المطالبة باعادتها لان القادم سيكون اعظم ثانيا لايتطيع احد محاكمة المختار ورهطه الفاسد لعدم وجود نزيه بالحكومة

  3. ام رشا

    الأستاذ الفاضل الفاسدون والمفسدون في الحكومات المتعاقبة انتخبهم الشعب المسكين لمرتين أو ثلاث وامنهم على أرضه وماله وعياله واستبيح الجميع ولن تعود ثقة الشعب المسكين بهؤلاء الا اذا عادت الامانات إلى أهلها وعوقب المسيؤون.

  4. ابو سجاد

    بدايتا يااستاذي العزيز عليك ان تنسى ان هناك مليارات قد تم سرقتها بحكومتي الفشل ومن سبقه ومن الممكن ان تعود كون هذه اصبحت من الماضي ولااحد يستطسع المطالبة باعادتها لان القادم سيكون اعظم ثانيا لايتطيع احد محاكمة المختار ورهطه الفاسد لعدم وجود نزيه بالحكومة

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram