دعا رب العائلة أفراد أسرته لاجتماع عاجل،
.ليبلغهم بالأمر الخطير الذي أزمع على اتخاذه، ليحميهم من الأسوأ الذي ينتظرهم، وليبقيهم على قيد الحياة، ريثما.. ريثما تنقشع الغمة، ويشعر المتخم (ون) بعذابات الملتاعين.
قال وهو منكس الرأس: هددونا بتخفيض رواتبنا! دعينا للتقشف! ولا بد لنا من الاستجابة للإرادة التي ارتأت اتخاذ ذاك القرار الذي يروم الإبقاء علينا على قيد الأحياء.اقصد على قيد الحياة!… قال: قننوا استعمال الكهرباء. وأطفئوا زر السخان إلا ليوم واحد في الأسبوع! ربما ألغيت التعامل مع صاحب المولدة!
قال: سأسحب الهواتف النقالة من الأولاد والبنات: وسام وحسام وإيهام وأماني وآمال، سأبقي على هاتفين اثنين: الأول معي، والثاني سأودعه لدى آم البنين لاستعماله في الحالات القصوى! فأسعار كارتات التعبئة زيدت بنسبة كبيرة، ولا قدرة لي لدفعها بعد اليوم.
حين حاول وسام الاعتراض، أخرسه الأب بنظرة زاجرة…. أششششششش.
اليومية - مصرف الجيب -التي كانت تسلم لكم بالأمس ستتقلص بنسبة خمسين بالمائة. وحين سأله الطفل (أيهام): بابا.. يعني الخمسماية دينار ستصبح كم؟؟ خزره الأب بنظرة حانية، وأشارت له الآم وسبابتها تغطي شفتيها: أش،شششششش.
وآنت يا وسام، درجاتك المدرسية غير مشجعة. لا بد لك من ترك الدراسة والبحث عن عمل! حين هم بالكلام لكزته آخته وهمست: أشششششش.
وأنت يا أماني، بلغني أنك تزوغين من المدرسة، وتتلفعين بشال يخفي ملامحك لتعرضي السيجاير والعلكة على السابلة وركاب السيارات. وهذا عيب علينا ولا يليق بنا. حين همت بتبرير فعلتها أشارت لها توأمها … إششششششش.
وآنت يا أمي ويا تاج راسي، توقفي عن التدخين. فدواء السعال بسبب السكاير تضاعف ثمنه، ولم يعد بإمكاني توفيره،
همهمت الجدة وهمت بالاعتراض. لكن الأب اتجه نحوها،، احتضنها وقبل رأسها، اختنقت بعبرتها وهي تصغي لدقات قلبه المتسارعة وهي تضج بالاعتذار … أششششششش.
كان المذيع في التلفزيون المفتوح يعلن عن إقرار الميزانية، ويشير للأرقام الترليونية المنهوبة والمهدورة ورواتب النواب والرئاسات. فما كان من الأم إلا تغيير القناة الرسمية، لتغيم الشاشة ولا يبدو من غبشها إلا صوت عواء وحشي حزين و مبهم …. أش،ششششششش.
أش،،ششششششش.
[post-views]
نشر في: 4 فبراير, 2015: 09:01 م