TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > فرصة ذهبية للأردن ولنا

فرصة ذهبية للأردن ولنا

نشر في: 4 فبراير, 2015: 09:01 م

بإقدامه على قتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة بأكثر الطرق همجية وترويعاً، أقصى تنظيم داعش آخر حجة يمكن أن تتذرع بها الدولة الأردنية للبقاء ممسكةً بالعصا من الوسط في التعامل مع المنظمات الإرهابية وسائر جماعات الإسلام السياسي المتطرفة وسواها.
التنظيم الإرهابي قدّم في الواقع على طبق من الذهب مرصّع بالماس والعقيق والياقوت هدية نفيسة لمناهضي فكره ومعارضي تطبيقاته في الأردن من القوى والشخصيات التي كانت تضغط لانتهاج سياسة أكثر حزماً تجاه المتطرفين ومنظماتهم. الدولة الأردنية كانت على الدوام تبدي التساهل حيال هذه المنظمات، ظانة انها بهذا يمكنها أن تكفي نفسها شرّ التطرّف وأصحابه، لكن المتطرفين ومنظماتهم نظروا الى هذا الموقف بوصفه ينمّ عن ضعف، وهو ما كان يشجّعهم على التمادي. وفعل داعش الإجرامي الأخير في حق الطيار الكساسبة هو منتهى التمادي، والهدف منه تخويف وترهيب الحكومة الأردنية وسواها.
تاريخياً، الجماعات الإسلامية في الأردن غلب التطرّف على مواقفها، بل انها من أكثر جماعات الإسلام السياسي تطرّفاً، ولم يكن خافياً على أحد انها وفّرت حواضن وملاذات للجماعات الإرهابية، بما فيها القاعدة وداعش... الإسلام السياسي المتطرف في الأردن هو الذي أنجب عبدالله عزام المعروف بلقب "أبو الجهاد الأفغاني" وكذلك تلميذه خليل الخلالية (ابو مصعب الزرقاوي).. الدولة الأردنية من جانبها كانت على الدوام تنتهج سياسة تقوم على التهاون والاسترضاء حيال هذه الجماعات دفعاً للشر المتأتي منها ومن غيرها، وهي سياسة اتّبعتها السلطات الاردنية أيضاً تجاه جماعات أخرى، بينها على سبيل المثال فلول نظام صدام حسين التي تنشط حالياً بحرية في الاردن. وهناك في الواقع عامل مادي في هذه القضية، فهذه الجماعات تستثمر أموالاً في الاردن وتدير أعمالاً يشاركها فيها رجال أعمال اردنيون مؤثرون في دائرة القرار الأردني.
الآن، بعد قيام داعش بقتل الطيار الاردني حرقاً لن يكون في مستطاع أحد في هذه البلاد، فرداً كان أم جماعة، أن يتحجج في خصوص الحرب الدولية على الإرهاب وداعش فيقول، كما ظلت تقول جماعات الإسلام السياسي: "هذه ليست حربنا"، ذلك أن النار التي أضرمها داعش في الطيار الكساسبة وهو حيّ قد اجتاحت بيوت الاردنيين جميعاً مثلما امتدّ لهيبها الى كل القارات وبلدانها، وسيصاب كل الأردنيين الذين أيدوا، علناً وسرا،ً داعش وسواه من جماعات الإرهاب بالخرس من اليوم فصاعداً، وهذه فرصة ذهبية للدولة الاردنية لمواجهة التطرف الإسلامي وكبح جماحه ومكافحته بلا تردد.
المتوقع أن تأخذ الحرب على الإرهاب بعداً أكثر عمقاً، فالأردن سيكون طرفاً رئيساً في هذه الحرب، والمرجّح أن تُقرن عمّان مشاركتها المباشرة الفعالة في الأعمال العسكرية بتقديم تسهيلات لوجستية أكبر لقوات التحالف. وهذه فرصة ذهبية لنا، في العراق، أيضاً لجعل الأردن رديفاً وسنداً لنا في الحرب ضد داعش.. علينا أن نتحرك في الحال باتجاه عمّان.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

جميع التعليقات 2

  1. ابو سجاد

    كيف استنتجته ذلك يااستاذ عدنان هل تتوقع ان الحكومة الاردنية وعامة الشعب الاردني قد يهتموا لهذا الحدث قد يكون هناك بعض الاردنيين العاديين البسطاء فرضت عليهم عواطفهم التعاطف مع هذا الانسان الذي قتل بطريقة بشعة وعرضه على الشاشات وامام انظار الناس ولكن انا مت

  2. ابو سجاد

    كيف استنتجته ذلك يااستاذ عدنان هل تتوقع ان الحكومة الاردنية وعامة الشعب الاردني قد يهتموا لهذا الحدث قد يكون هناك بعض الاردنيين العاديين البسطاء فرضت عليهم عواطفهم التعاطف مع هذا الانسان الذي قتل بطريقة بشعة وعرضه على الشاشات وامام انظار الناس ولكن انا مت

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram