كثر الحديث عن وسائل القضاء على الإرهاب. الكلام كله تطلع منه زبدتين: بعض يرى الحل عسكريا وآخر يراه سياسيا. وزبدة ناعمة أخرى ترى ضرورة الجمع بين الاثنين. لم نسمع ولم نر من نادى بالحل التربوي.
محاربة داعش والقاعدة، ومن لف لفهما، عسكريا وسياسيا لا تكفي لتخليص الإنسانية من همجيتهم. من يحاول ذلك يبدو كأنه يعالج تسرب الماء في بيته بكرفه بالسطول. أكرف الماء حتى الصباح بألف سطلة لكنك لن تتخلص منه ما دامت الحنفية تخرّ.
يساء فهم مصطلح "التربية" الا عند ذوي الاختصاص. الخطأ الشائع عند عموم الناس ان التربية هي التهذيب. فعندما يرون سارقا او صاحب لسان فاحش يقولون: ما عنده تربية. الحقيقة انه قد تربّى على ذلك. ما من سلوك سيء او جيد الا وكان نتيجة لتربية معينة. فجنود هتلر تربوا على النازية وجنود موسيليني تربوا على الفاشية. وقد حرص صدام حرصا شديدا على "تبعيث" التربية، لذلك ما زالت بعض من مصائبه تصب على رأس العراق حتى بعد موته. والدواعش الذين ترونهم اليوم ما هم الا خريجو مدارس ومؤسسات وحلقات تربوية لها تاريخ طويل. قديم وحديث.
يخطئ أيضا من يتصور ان التربية تنحصر في المؤسسات التربوية الرسمية. فالجوامع والعشائر والمنتديات والجمعيات، وحتى العوائل تسهم في تربية الأجيال. وقد تنتج جيلا همجيا يطش الظلام، او متحضرا ينشد الحياة. انها أخطر من المدافع والطائرات في قدرتها على التدمير. لذا مثلما تسعى الدول المتطورة الى حصر السلاح بيدها وتجرد المجتمع منه ليعيش بسلام، تراها تحصر امر التربية بيدها أيضا خاصة في مجال الدين والأخلاق. لأن التربية الدينية الخاطئة وخاصة تلك التي تغذي نوازع الطائفية اشد خطرا على البشرية من القنبلة الذرية.
برأيي، ان أهم ضربة وجهت للإرهاب لم تأت من طيران التحالف الدولي ولم تصنع في أروقة مجلس الأمن او الاتحاد الأوربي، بل في مصر. انه قرار وزارة التربية والتعليم إلغاء مادة التربية الإسلامية واستبدالها بمادة الأخلاق والقيم بعد مشاورات بين الكنيسة والأزهر. لقد أغلقت مصر الحنفية لتخلص الأجيال القادمة من العذاب. أما نحن فلا حل لمشكلتنا غير ان نبدأ بغلق "الأبّي" من الأساس لأن حنفيات الطائفية والمحاصصة تخرّ في جميع مؤسسات الدولة والشوارع والبيوت. خريرها يطرب الدواعش والمفسدين وعصابات المتطرفين من شتى الأصناف. فهل من مجيب ينغّص على هؤلاء القتلة طربهم؟
اقطعوا "الأبّي" على الإرهاب
[post-views]
نشر في: 8 فبراير, 2015: 11:47 ص