سبق أن أبدينا رأياً في مصارحتنا (خليجي 24.. استحقاق مشروط) بتاريخ 2 تشرين الأول العام الماضي قبيل انطلاق دورة الخليج 22 في الرياض، وجاء في خلاصته " سيكون خليجي 24 استحقاقاً طبيعياً لنا مشروطاً بنجاحنا في طمأنة (فيفا) بسلامة كرة القدم في ملاعبنا بعد إسقاطنا ذرائعه الأمنية، وعند ذاك سيطالب الأشقاء بفتح ملعب البصرة وردّ الاعتبار للعراقيين قولاً وفعلاً".
يبدو أن بعض المسؤولين ينتقون ما يروق لهم من نصح ومشورة حسب المزاج ويصرّون على تجاهل الآخرين،لأن طروحاتهم تصطدم مع مصالح أولئك المسؤولين الباحثين عن البهرجة الإعلامية – بكل صراحة - لاسيما اذا كان توقيتها متزامناً مع حدث كبير كالذي شهدته وسائل الاعلام في دورة السعودية.
ليس من المعقول أن تظل البصرة تحبس تطلعاتها الرياضية في إطار دورة خليجية أمدها اسبوعان فقط!! لم ننجح في كسب العلامات الكاملة لتضييفها عبر ثلاث دورات 21و22و23 بكل ارهاصات الخيبة والفشل والاحباط الذي يدين المعنيين بالعجز عن إدارة ملف التنظيم وعدم القدرة على منح وعد نهائي يضمن البدء بوضع برنامج الاستقبال للوفود ووسائل الاعلام والجماهير الخليجية وبقية الدول العربية والعالمية، وغالباً ما نداري فشلنا ببيانات (falso) وكأننا نخاطب أناساً سذّجاً لا يفقهون أصول الضيافة لدورة لا تستلزم كل هذا التعقيد المؤطّر بمبررات بعيدة عن المنطق، وبذلك نضيف الى فشلنا تهمة المناورة والتسويف ونبدو امام الخليجيين ضِعافاً في التجربة ولا نمتلك الخبرات التي يتوزع آلاف من مواطنينا حملة الشهادات العليا على سطح الأرض ليُنجحوا كبرى البطولات الدولية.
لماذا لا نستفيد من الإرادات الرياضية الحقيقية التي يتحلى بها العرب؟ حيث دُعينا قبل اسبوعين لحضور الادوار النهائية لبطولة كأس العالم لكرة اليد في العاصمة الدوحة، وتمعّنا في الاجواء المحيطة بالمونديال من قاعة مبهرة مثل لوسيل والمركز الاعلامي ومنافذ قطع التذاكر ومحال بيع المأكولات ونقاط الأمن المنتظمة وساحة وقوف السيارات والفنادق المنتشرة وعلمنا أن الإعداد لهذا الحدث العالمي لم يأخذ بنظر الحسبان موعد انطلاقه، بل ان ستراتيجية مسؤولي الرياضة في قطر هي تحضير وتأمين القاعدة الرئيسة لإنجاح أي بطولة من دون انتظار موعدها، ولهذا وقعت مدينة البصرة الرياضية تحت ضغط المواعيد المتتالية للدورات الخليجية المذكورة منذ أن انتزعت المنامة ملف الضيافة عام 2013، وصار إنجاز المشروع كلياً وزمن الانتهاء منه أمرين متقاطعين في خطة الوزارة بدلاً من تطابقهما في الهدف النهائي، ونجم عن ذلك عدم إيفاء مسؤولي الوزارة بأي وعد أطلق سابقاً سواء في عهد الوزير السابق أو الحالي ما أعطى مؤشراً واضحاً أن ملف خليجي البصرة يعاني غموضاً في جوانب كثيرة منه بسبب سياسة التداخل في صلاحية الانجاز لأكثر من وزارة، وانقباض يد المال أمام حاجة المشروع للسيولة ولا يوجد من يثق بإمكانية إطلاق موعد جديد لافتتاح المدينة إلا من باب تهدئة النفوس الساخطة على تأخير اكتمالها وذرّ الرماد في العيون بعد القرار غير المفاجئ بالاعتذار عن تضييف الدورة 23!
متى نتعلم من الآخرين بوجوب منح الصلاحيات المطلقة للجنة تنظيمية خاصة بدورة خليجي البصرة لا تحدد بنسخة ما أو سقف زمني يسبب قلقاً وإرباكاً للمراقبين في المنطقة، بل يترك لرئيسها اختيار موعد الاعلان عن انجاز تحضيراتها وينأى أي شخص آخر مهما كانت صفته الرسمية الحديث عن الدورة من قريب أو بعيد، ونأمل من وزارة الشباب والرياضة الاهتمام بمسائل لوجستية بالتشاور مع اللجنة الأولمبية واتحاد كرة القدم لإقامة ورش عمل مفتوحة تضم خيرة خبراء الرياضة العراقية في الداخل والخارج تحت مسمّى " أمان الرياضة من أمن البلد " لتبادل الافكار ومناقشة أزمة الحظر الدولي باستفاضة لمعرفة كيفية إقناع (فيفا) والاتحادات الخليجية والقارية باستعادة حق ملاعبنا كي تضيف الفعاليات الكروية وغيرها، وتحضرني هنا المبادرة الشخصية للدكتور عبدالقادر زينل أحد خبراء كرة القدم وصانعي زمنها الذهبي في ثمانينات القرن الماضي عندما أمضى برفقة عضو أو عضوين من اتحاد اللعبة بجولات مكوكية في منطقة الخليج وعدد من البلدان العربية والقارية اواسط التسعينات لأخذ تعهدات خطية من رؤساء تلك الاتحادات بخصوص عدم ممانعتهم من خوض منتخباتهم الاستحقاقات الرسمية والودية على ملاعب العراق لإعطاء دليل دامغ على أن كرة القدم آمنة بضيوفها من رؤساء وفود ولاعبين وجماهير، وقدَّم زينل ملفاً موسعاً بعد ذلك الى أمين عام فيفا – حينها - جوزيف بلاتر ضمّنه مرتكزات اساسية مُقنعة تبرر طلبه برفع الحظر، ونجح في مسعاه الوطني من دون أن يُشغل الرأي العام ببالونات تصريحات مثقوبة مثلما يحلو للبعض اللهو بها اليوم!
بالون خليجي للّهو!
[post-views]
نشر في: 8 فبراير, 2015: 11:36 ص