منذ سنوات ومشروع قانون تشكيل الأحزاب في العراق، يراوح في مكانه والبرلمان خلال دورتين تشريعيتين فشل في تمريره ، على الرغم من أهميته ودوره في تنظيم الحياة السياسية ، وضمان استقرارها ، جميع القوى والأحزاب والتنظيمات الممثلة في مجلس النواب، أعلنت رغبتها في تشريع القانون ، وأثبتت بالتصريحات انها حريصة على تعزيز الديمقراطية وتوطيدها ، ولا تراجع عنها ، ومثل هذه التصريحات ، تكاد تكون يومية ، تطرح في المناسبات الوطنية والقومية ، وأثناء لقاء الزعماء السياسيين بقواعدهم الشعبية ، وأعضاء ومؤيدي احزابهم ومناصيرهم ، ومع كثرة التصريحات لم يتحرك المشروع خطوة واحدة ، خشية انفلات الشياطين لانها وكما يقال تكمن في التفاصيل ، وليس من مصلحة جهات واشخاص في الظروف الراهنة والتحديات الأمنية إثارة شيطان ازرق بإمكانه ان يثير المشاكل ، ويعيد الفرقاء الى المربع الاول بعد ان تجاوزوا وبلحظة رحمانية تكلسات خلافات تراكمت طيلة السنوات الماضية من عمر الديمقراطية العراقية والحصول على تعهدات من الحكومة الحالية لتطبيق وثيقة الاصلاح السياسي ، ومن بنودها تمرير مشروع قانون تشكيل الاحزاب.
عقبات تمرير المشروع تتلخص وبحسب التصريحات المعلنة ببروز قلق ومخاوف لدى الاحزاب الكبيرة من كشف مصادر تمويلها ، بمعنى اخر انها لا تفضل ان يطلع الاخرون على "مالية الحزب" لان هذا الموضوع من الأسرار المودعة في الصندوق الأسود ، لا يجوز فتحه الا بعد حصول كوارث ، وانشقاق خطير يقلب الحزب على "البطانة " او في حال قيام القيادي البارز المسؤول عن المالية بالاستحواذ على الاموال ، و"يكلب بالدخل" ويجعل الحزب على الحديدة ، فيوجه نداء عاجلا الى الأعضاء والمؤيدين يناشدهم التبرع بالأموال لتغطية رواتب الامين العام والرفاق او الأخوان اعضاء المكتب السياسي ، وتسديد دين الجايجي صاحب الجنبر الواقع بجوار المقر المكلف بتقديم الجايات في الاجتماعات الشهرية والاسبوعية.
الساحة العراقية بعد الإطاحة بالنظام السابق شهدت عودة وولادة مئات الاحزاب والتيارات والقوى السياسية اغلبها ذات هوية دينية ، استطاع بعضها ان يحصل على تمثيل في مجلس النواب والحكومة ، فاتسع نشاطها في الداخل ، ومنها من فتح فروعا في الخارج ومكاتب اقليمية في دول المنطقة ، ومنذ بداية عملها في الساحة السياسية ، لم تعقد مؤتمرا لانتخاب أمينها العام او زعيمها وقيادييها ، وهذا لغز اخر يضاف الى أسباب عرقلة وتعطيل تشريع قانون تشكيل الاحزاب ، حير عقول العراقيين المراهنين على نخبهم السياسية في ضمان مستقبلهم فخابت آمالهم بانتقال منصب الامين العام عن طريق الوراثة ، او من خلال حصول قيادي على موقع كبير في الحكومة فاستغل نفوذه ليكون الشخص الاول في التنظيم ، وبوجود مثل هذه المظاهر سيبقى مشروع قانون تشكيل الاحزاب ، حبيس الغرف المغلقة ينتظر الفرصة الرحمانية وتحقيق الاتفاق والوفاق ليعلن الرفاق موافقتهم على تمرير القانون، وجيب ليل واخذ عتابة .
مالية الحزب
[post-views]
نشر في: 9 فبراير, 2015: 04:57 ص