TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > ما كان يجب لهذه الدماء أن تسيل

ما كان يجب لهذه الدماء أن تسيل

نشر في: 10 فبراير, 2015: 03:30 ص

لم اكن مقتنعا يوما بذلك الرأي الذي إن وَجد في الشعر سلاسة، كما التي عند نزار قباني، يقول انها "السهل الممتنع". اني لا أجد تلك السهولة الممتنعة عند الشاعر، بل عند الذي يتصرف بحس إنساني عال. فما فعله نلسون مانديلا، مثلا، صار يبدو لي هو السهل الممتنع، وكذلك في الذي فعله علي بن زين العابدين التونسي يوم لقفها وهي طايرة ، فطار وحقن الكثير من دماء الناس.
هذه الدماء التي تسيل اليوم في العراق وسوريا واليمن وليبيا ما كانت لتكون لو أن الحكام فيها آمنوا بحق الآخرين في العيش بسلام وحرية. ما الذي جناه العراق من صدام، وماذا جناه هو أيضا، يوم تعصّب واستكثر على شيعة العراق حقهم في ممارسة شعائرهم الحسينية؟ وما الذي كان سيخسره لو أنه ترك الناس في شهر واحد من السنة يمارسون طقوسهم وهم الذين لم يرغموه او يرغموا أحدا على مشاركتهم بها؟ وهل كانت الجثث العراقية ستملأ باطن الأرض لو أنه استهدى بالرحمن وترك إيران تقرر مصيرها بنفسها دون ان يشن عليها حربه؟ ثم هل سيحل بنا الذي حل لو انه كبح جوامح حسده للكويت؟ أما كان سيكفي العراقيين شر الخراب والحصار والاحتلال؟ وماذا أيضا لو ان المالكي، يوم ترك أهل الغربية أسلحتهم في البيوت وتظاهروا تحت حر الشمس والبرد بطرك الدشاديش والغتر ليطالبوا بحقوقهم المشروعة، استجاب لمطالبهم؟ أكانت داعش تلعب ما لعبت بنا اليوم؟
ليس بالعراق فقط بل هي في البحرين وإيران واليمن والسعودية وربما في كل بقعة عربية وإسلامية. لماذا لا يدع هؤلاء الآخر يعيش حسب هواه ويعبد الله بالطريقة التي يراها ما دام لا يفجر نفسه بين الناس ولا يهدم مدرسة ولا يرغم أحدا على تغيير دينه او معتقده؟
لا أرى سهلا ممتنعا في قول نزار "صرت أحلى ألف مرة .. صرت أكبر" بقدر ما أراه في قول العراقي "شيفهم حجي أبو أحمد أغا". نعم أصعب ما أراه اليوم ان تفهم هذا الأغا ان للكردي حقوقا عليك ومثلها للتركماني والشيعي والسُني والمسيحي والصابئي والإيزيدي واليهودي ما دام يشاركك الوطن. لماذا لا تعطيها له لتريحه وتستريح وتريح البلاد والعباد معك؟
أعرف إنني كطابخ الفأس الذي يرجو من الحديدة مرقاً. لكني أظل في أمل ان يمنّ علينا القدر بعظيم تصغر بعينه العظائم مثل مانديلا، وليس صغيرا يكبر في عينه كرسي السلطة. وما أصغره من كرسي، وما أكثر الصغار الذين يحومون حوله.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمود الثامن: الداخلية وقرارات قرقوشية !!

العمودالثامن: في محبة فيروز

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

مصير الأقصى: في قراءة ألكسندر دوجين لنتائج القمة العربية / الإسلامية بالرياض

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

 علي حسين لا احد في بلاد الرافدين يعرف لماذا تُصرف اموال طائلة على جيوش الكترونية هدفها الأول والأخير اشعال الحرائق .. ولا أحد بالتأكيد يعرف متى تنتهي حقبة اللاعبين على الحبال في فضاء...
علي حسين

باليت المدى: جوهرة بلفدير

 ستار كاووش رغمَ أن تذاكر الدخول الى متحف بلفدير قد نفدت لهذا اليوم، لكن مازال هناك صف طويل جداً وقف فيه الناس منتظرين شراء التذاكر، وبعد أن إستفسرتُ عن ذلك، عرفتُ بأن هؤلاء...
ستار كاووش

التعداد السكاني العام في العراق: تعزيز الوعي والتذكير بالمسؤولية الاجتماعية

عبد المجيد صلاح داود التعداد السكاني مسؤولية اجتماعية ينبغي إبداء الاهتمام به وتشجيع كافة المؤسسات الاجتماعية للإسهام في إنجاح هذا المشروع المهم, إذ لا تنمية من دون تعداد سكاني؛يُقبل العراق بعد ايام قليلة على...
عبد المجيد صلاح داود

العلاقات الدولية بين العراق والاتحاد الأوروبي مابين (2003-2025)

بيير جان لويزارد* ترجمة: عدوية الهلالي بعد ثمان سنوات من الحرب ضد جمهورية إيران الإسلامية (1980-1988)، وجد العراق نفسه مفلساً مالياً ومثقلاً بالديون لأجيال عديدة.وكان هناك آنذاك تقارب بين طموحات الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي....
بيير جان لويزارد
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram