على الخير والبركة دخل مجلس النواب في فصل تشريعي جديد مع تمنيات وتطلعات العراقيين لتمرير القوانين المثيرة للجدل ، تشكيل الحرس الوطني ، والمساءلة والعدالة ، والمحكمة الاتحادية والعفو العام، وغيرها الواردة في بنود وثيقة الاصلاح السياسي ، ومنذ بدء العمل البرلماني في دورته الحالية ، مرت الأمور على مايرام، لان جدول اعمال جلساته السابقة تضمن القراءة الثانية لمشاريع مؤجلة واخرى تتعلق بإلغاء قرارات مجلس قيادة الثورة المنحل ،والمصادقة على انضمام العراق لاتفاقيات دولية خاصة بمكافحة الايدز ، والنقل البري ، وهذا النوع من المشاريع يمرر بسهولة ولا يحتاج الى شد وجذب، والعودة الى حساب نسب المكونات وإقرارها فيأخذ طريقه نحو التشريع في حال توفر النصاب القانوني ، وبعد ان تمتع المشرعون بعطلتهم ، وعادوا لعملهم بعزيمة اشد على تطوير الأداء التشريعي والرقابي بروح رياضية مهنية تنبذ الخلاف وتضع المصلحة الوطنية في الصدارة .
زمن جلسة مجلس النواب الواحدة بحساب العرب لايتجاوز ثلاث ساعات ، من ضمنها الاستراحة ، وأداء فريضة صلاة الظهر ، وانتظار تحقيق النصاب ، اما مؤتمرات الكتل والاعضاء فتحتاج الى ساعات لاعلان المواقف وإبداء الملاحظات والرد على الكتلة الفلانية والدفاع عن تلك الجهة وذلك الزعيم السياسي ، وهذه الظاهرة ورثها المجلس الحالي من السابق فأصبحت تقليدا وعرفا ونهجا توفر لوسائل الإعلام مادة خبرية لنشراتها المسائية .
الكتل النيابية الكبيرة ممثلة في الحكومة بوزراء اعلنوا موافقتهم على مشاريع القوانين ، ومن الطبيعي جدا ان تمرر عبر البرلمان ، بعد اجراء القراءة الاولى والثانية ثم المناقشة وإبداء الآراء وعلى وفق هذه الآلية من المستبعد بروز اعتراض ، لحصول المشروع بمسودته الاولى على تصويت مجلس الوزراء، لكن واقع الحال يثبت حقيقة اخرى كانت ومازالت هي السبب الرئيس في توتر العلاقة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ولاسيما في الدورات السابقة ، فانعكس ذلك على الأوضاع السياسية والأمنية ، عندما تمددت اذرع الحكومة ، وفرضت هيمنتها على مجلس النواب ، فتعطل الأداء التشريعي والرقابي ، وتم تأجيل عشرات المشاريع المتعلقة بتنظيم الحياة السياسية .
طبقا للدستور تولد الحكومة من البرلمان وتكون خاضعة لمراقبته ، وبإمكان مجلس النواب ان يسحب الثقة من المسؤولين وحتى رئيس مجلس الوزراء ، وعلى الرغم من صلاحياته الدستورية خضع لاذرع الحكومة فاضطربت المعادلة ، فاندحرت الكراعين البرلمانية أمام الأذرع الحكومية ولكي تسير الامور بشكلها الطبيعي والمنطقي ، وتكون السلطة التنفيذية "حبابة" وتسمع كلام مجلس النواب يجب ان تعيد النظر بمشاريع القوانين الخلافية وتجردها من الألغام ، وبعد ذلك تضعها في زنبيل البرلمان ، و ما يقال عن وجود انسجام بين السلطتين سيتعرض الى اختبار صعب ، اما بتمرير المشاريع او الفشل في إقرارها ، فيعود الاضطراب الى المعادلة ويندلع الصراع السياسي ، وحينذاك ينضم المعارضون للحكومة الى "جبهة الكراعين الوطنية" .