TOP

جريدة المدى > أعمدة واراء > في استذكار بسام الوردي

في استذكار بسام الوردي

نشر في: 11 فبراير, 2015: 03:32 ص

مثله مثل أبناء جيله، حيث الاهتمامات المتعددة، وضغط الرؤى والمكنونات الإبداعية تموج داخله، تصيّرها الموهبة إبداعات تتوزع بين القصة والمسرح والسينما والشعر والتشكيل.
ومثل أبناء جيله ايضاً، ارتهن العطاء الإبداعي لديه بثقافة موسوعية كان يرى فيها أرضاً خصبة تتجذر فيها الموهبة لتينع ثمار الإبداع.
بسام الوردي ... اسم لا تخطئه عين المتابع لمسيرة الإبداع العراقي، بما قدمه من منجز فرض حضوره القوي في المشهد الثقافي العراقي في غير جنس من أجناس الإبداع.
واذا كان للمسرح والقصة والشعر وحتى النحت نصيب يعتد به من عطاء هذا الفنان الكبير، فان للسينما الحكاية الأهم والنصيب الأكبر، حيث اثبت فيها ان تلك المجالات التي ولجها باقتدار لم تكن الا اختباراً لأدواته الإبداعية لاقتحام عالمه الذي يحب السينما، والذي بقي يرنو اليه مخلصاً وعاشقاً، حتى أعاقه فراش المرض عن التواصل معه .. هذا العالم الذي كان يحرم من ولوجه، لولا تلك المصادفة القدرية بحسب تعبير (زفايج) والمتمثلة باستحداث أكاديمية الفنون الجميلة عام 1960 ليكون من أوائل الملتحقين فيها للقاء معشوقته .. هذه المصادفة التي جعلته يترك دراسة (البايولوجي) ويتفوق في (السينما).
دخل السينما من بوابتها الأصعب، الفيلم الوثائقي والقصير، وكأنه كان مصراً على اكتمال أدواته، ويطمئن لفعلها والذي تجلى بأفلام توافرت فيها كل عناصر الصنعة لتعتلي باقتدار منصات الفوز في غير مهرجان سينمائي، وقبل ذلك كانت قد اعتلت ذائقة النقاد والجمهور ..(أغنية لشمس الصباح) وأفلام وثقت حياة مبدعين عراقيين (عطا صبري) (محمد غني حكمت) و(خالد الرحال) .. ولكن يبقى الأهم بينها (حكاية للمدى) وهو الفيلم الذي كرس منه احد اهم أساتذة هذا الفن في العراق . و(حكاية للمدى) الذي وضع فكرته وكتب قصائده الشاعر والكاتب رياض قاسم .. رحلة في السيرة الحياتية والإبداعية للفنان والقاص (يحيى جواد) .. هذا الفيلم الذي يعد بحق المنجز الأهم ، لا في مسيرة الوردي حسب ، بل في تاريخ الفيلم الوثائقي في العراق، لقد كان درساً في التوثيق البصري.
من هذه البوابة دخل مجال الفيلم الروائي في (ليلة سفر) الذي ذبحه المونتاج الرقابي للمؤسسة الثقافية المقبورة، الأمر الذي سبب في حظر إطلاقه في صالات العرض، حتى كتابة هذه السطور على الرغم من زمن إنتاجه الذي تجاوز الربع قرن.
ومثل أي مبدع حقيقي كان يتردد كثيراً في اختيار نصوصه، وان اختار فانه يشبعها دراسة .. قال لي مرة ان النص الذي يختاره لأي كاتب، هو النص الذي كان يتمنى ان يكتبه هو .. وكان لي ان المس قوله هذا مجسداً يوم جمعتني وإياه لجنة لقراءة وتقييم نصوص درامية لحساب دائرة السينما والمسرح ويومها قدمت له تقييمي ان لا نص يستحق الإنتاج، لأفاجأ بالملاحظة نفسها منه مع استدراك خصني به من انه قرأ النصوص وكأنها مسنودة لإخراجه هو فوجدها لا تستحق.
واذ استعيد حياة احد عشاق وبناة السينما العراقية ، فان بعضا من الامل يحدوني في ان ينتبه القائمون على تظاهرات السينما بمختلف مسمياتها في ان تشتمل برامجهم على استذكار رموز السينما من خلال حلقات دراسية ، او تقديم عروض لمنتجهم الابداعي، وفيما يتعلق بصانع سينما مثل الراحل بسام الوردي، فعلى الاقل وتكريما له يتم عرض فيلمه (ليلة سفر) ، الذي تعرض للاجحاف والتناسي من قبل، خاصة وان المشاركين والشهود على صناعته مازالوا احياء ولهم كلمة عنه.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

العمودالثامن: في محبة فيروز

العمود الثامن: ليس حكماً .. بل مسرحية كوميدية

العمودالثامن: تسريبات حلال .. تسريبات حرام !!

الفساد ظاهرة طبيعية أم بسبب أزمة منظومة الحكم؟

قناديل: (قطّة شرودنغر) وألاعيب الفنتازيا

العمودالثامن: الحرب على الكفاءة

 علي حسين منذ ان ظهرت الديمقراطية التوافقية في بلاد الرافدين ،والمواطنونالعراقيون يبحثون عن مسؤول مختلف يمنحونه ثقتهم، وهم مطمئنون ، رغم أنهم يدركون أنّ معظم السياسيين ومعهم المسؤولين يتعاملون مع المناصب على أنها...
علي حسين

قناطر: ليلُ العشَّار الطويل

طالب عبد العزيز يحلَّ الليلُ باكراً في أزقّة العشَّار، أزقته القصيرة والضيقة، التي تلتفُّ عليه من حدود شبه جزيرة الداكير الى ساحة أم البروم، يحدث ذلك منذ سنوات الحرب مع إيران، يوم كانت القذائفُ...
طالب عبد العزيز

محاسبة نتنياهو وغالانت أمام محكمة الجنايات الدولية اختبار لمصداقية المجتمع الدولي

د. أحمد عبد الرزاق شكارة يوم عظيم انتصاراللعدل عبارة تنم عن وصف واضح مركز ساقه الاستاذ المحامي الفلسطيني راجي صوراني عن طبيعة الدور الايجابي المؤثر للمحكمة الجنائية الدولية متمثلا بإصدار مذكرتي القاء القبض تخص...
د. أحمد عبد الرزاق شكارة

الاندماج في العراق؟

أحمد القاسمي عندما نسمع بمصطلح الاندماج يخطر بأذهاننا دمج الأجانب المقيمين في بلد ما. فاستخدام هذا المصطلح بات شائعا منذ بضعة عقود في الغرب ويُستخدَم غالبا عند الحديث عن جهود الدولة أو مؤسسات المجتمع...
أحمد القاسمي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram