حتى وان كنت قد كتبتها من قبل، فإني أكررها مرة أخرى بأن مدّعي الطائفية أخطر على الناس من الطائفي الحقيقي. فهؤلاء الذين تقمصوا شخصية الطائفي الشيعي "العنيد" لو تفتشون في خلايا ماضيهم لوجدتموهم بالأمس كانوا مع من يذبح أبناء طائفتهم يكيلون له المديح قولا وفعلا وشعرا وغناء وتطبيلا. بضاعتهم النصب على عقول البسطاء وعلى المتاجرين في سوق الكراهية. أي تقارب شيعي سني يرعبهم. ومن البداهة أن كل تاجر نصاب تنغلق سوقه يرتعب.
لا حل لهذا العراق غير بناء مثلث ثقة صادق بين السنة والشيعة والكرد. لا بل ولا يخنق الدواعش ويخلصنا من شرورهم غيره. باختصار شديد ووضوح أشد، ان لا سبيل لطرد الغرباء والقتلة غير بناء جسر ثقة بين قوى الحشد الشعبي والحرس الوطني والبيشمركة. أي عطب ينتاب أي ضلع من أضلاع مثلث الثقة هذا سيطيل في عمر الدواعش.
هؤلاء الذين يتباكون خوفا من الحرس الوطني بادعاء انه "فيكة" بعثية أو سنية يضحكون عليكم ـأيها العراقيون. ردوا بضاعتهم عليهم وأغلقوا سوق الكراهية بوجوههم. لا أدري كيف يسمون الحرس الوطني بعثيا وأول من نادى به هو رئيس الوزراء وانه شيعي بلا شك. أصفه هكذا والألم يعتصر قلبي. لكن ما عساك ان تفعل عندما يجبرك المرّ على ما هو أمرّ. الذي قال قبل يومين لا أكثر بأن "أن إقرار مشروع قانون الحرس الوطني خطوة مهمة لتعزيز الأمن والتمثيل العادل للمجتمع العراقي" ليس النجيفي او الجبوري او المطلك بل حيدر العبادي بعظمة لسانه.
كم أتمنى لو يصدر برلماننا، وانا يائس من انه سيستجيب، قرارا صارما يحرم لا بل ويجرّم أي شخص أو جهة سياسية او دينية او وسيلة إعلامية تسعى لقتل روح الثقة بين العراقيين. وطن تضيع الثقة بين أبنائه ليس بوطن.
أقول هذا ولا أنكر على بعض المخلصين حقهم في الخوف لان تجاربنا العراقية في هذا الجانب كارثية وعقيمة. لكن الجرح صار عميقا ويستحق المخاطرة وحمل الأخ على أكثر من محمل. والمجازفة بالثقة كما المجازفة في الحب مهما كان خطرها فانه لا يصل الى خطر بث روح الكراهية وقتل بوادر الثقة بين أبناء الوطن الواحد. الفرق كبير بين من يغامر بفتح الباب للدواعش ليحتلوا الموصل بحجة أن يجربوا شر غيره ليعرفوا خيره، وبين من يتوكل على الله ويرمم العلاقة مع عشائر السنة من اجل دحر الدواعش وتحرير الأرض من دنس أقدامهم.
من أجل العراق .. لا بد من الثقة
[post-views]
نشر في: 11 فبراير, 2015: 05:39 ص