أمس صادفني عراقي مغترب أطنب بالمديح لحاكم سابق وصفه بانه أشجع من رأى! ليش؟ لأنه التقاه مرة واكتشف بأنه لا تهزه الهزائز، ولا يذرف دمعة حتى على موت ابنه ولا يرتجف لو سمع انفجار ألف مفخخة. أجبته هذا يعني باختصار انه ليس إنسانا يا أخي. غضب المتحدث معترضا بسؤال: وهل الجبان برأيك هو الإنسان؟ وليش لا؟ فالإنسانية لا تقاس بالشجاعة أو الجبن، إنها شيء آخر أبعد وأعمق من ذلك بكثير يا صاحبي. أحمرّت عيناه من الغضب فاستأذن للرحيل، وحسنا فعل.
كثير من الناس، وليس الحكام أو السياسيون المنتفعون فقط، يظن انه إنسان. حتى أنا وأنت قد نظن أننا كذلك. لكن الإنسان يعرف بإنسانيته كما الشاعر يقاس بشاعريته. قطعا لا يوجد إنسان بالمعنى المطلق للإنسان مثلما لا يوجد حيوان كذلك. فكم حيوانا وجدناه في رحمته أشفق على الإنسان من أخيه الإنسان؟ وعلى العكس، كم من مدع للإنسانية صادفنا وهو في سلوكه يروح فدوة للحيوان؟ إذن، هل من سبيل لأن يكتشف أحدنا بنفسه إن كان إنسانا أم لا؟
قبل ذلك دعوني أذكركم بنكتة قديمة بها من الحسجة ما قد ينفع:
ذهب رجل أمي ليتظلم عند المتصرف (صار يسمى المحافظ اليوم). ولأنه أمي استعان بكاتب العرائض. وبعد ان انتهى العرضحالجي قرأ على الأمي ما كتب. سمعه فبكى بكاء شديدا. سأله الكاتب عن سر بكائه فأجاب: كل هذا صاير بيه وآنا ما أدري؟
ونحن كذلك لو اختبرنا إنسانيتنا قد نجد في أنفسنا ما يبكينا أكثر من بكاء ذلك الأمي!
في هذا الرابط اختبار ذاتي حصيف يساعد القارئ على اكتشاف مدى إنسانيته. ها هو بين أيديكم فجربوه لعلكم تفلحون أو تبكون:
https://humanism.org.uk/humanism/how-humanist-are-you/
أو ابحثوا عنه في الإنترنت تحت عنوان
How humanist are you? :
مؤسف انه باللغة الإنجليزية. لكنها لغة بسيطة يمكن ترجمتها بسهولة على موقع جوجل. فكرت ان أترجمه لكم هنا بنفسي لكني وجدته سيأخذ حيزا كبيرا من النشر.
القارئ اللبيب قطعا عرف أنني أكلمه مثل تلك التي قالت "أحاجييج يا بنتي واسمعي يا جنتي". بصراحة ان هدفي الأهم هو ان يجربه أبناء وبنات "كنّتنا" في الحكومة والبرلمان ليكونوا على بينة من درجة إنسانيتهم، قبل أن يتهموا غيرهم بأنه عدو للإنسانية.